تكون مدينة وهران على موعد مع اجتماع منظمة البلدان المصدرة للبترول أوبيب المقرر يوم 17 ديسمبر القادم، لتسطير ورقة طريق للسوق البترولية العالمية على مدى السداسي الأول للسنة المقبلة ,2009 في ضوء تطورات الأزمة المالية العالمية والأسلوب الذي تتخذه الإدارة الأمريكية مصدر اندلاع الأزمة في معالجة الآثار السلبية التي لحقت بها وامتدت إلى القارات الأربع من العالم. ويستعد وزير الطاقة والمناجم و الرئيس الحالي لمنظمة أوبيب السيد شكيب خليل لضبط عقارب الساعة على الموعد بهدف أن يثمر نتائج متوقعة تأخذ في الحسبان مصالح البلدان الأعضاء في منظمته بالدرجة الأولى، وهي أساسا التوصل إلى خفض مستويات الإنتاج بالمقادير المتفق عليها على أساس أن المنظمة اتفقت على اللجوء إلى تقليص الفائض الموجود في السوق بحجم يقدر بمليون برميل يوم بداية من أول ديسمبر القادم. وكان شكيب خليل قد قدر الفائض بين 500 ألف إلى مليون برميل مما أدى إلى تراجع حاد في أسعار البترول إذ انهارت الأسعار من مستوى 50,147 دولار للبرميل في شهر جويلية الماضي إلى حوالي 64 دولار هذه الأيام وعاد هاجس الخوف من استمرار الانخفاض مذكرا بما جرى سنة 1998 عندما تراجع السعر إلى مستوى 10 دولار للبرميل، الأمر الذي يضع الأعضاء أمام عتبة خيار واحد يتطلب الحسم قبل أن تلتهم الأزمة المالية العالمية وتداعياتها متمثلة في الركود العالمي ما تبقى من موارد. ويرشح أن يحسم اجتماع وهران المقبل في مسالة تقليص حجم الإنتاج من عدمه في ضوء ما يقدمه الأمين العام للمنظمة بشان تطورات السوق البترولية، وهو ما تم تكليفه به بما يضع كل الأطراف أمام مسؤولياتهم في ظل أزمة مالية عالمية تتجه إلى قلب الساحة الاقتصادية رأسا على عقب إذا لم تتخذ الإجراءات اللازمة بما يحفظ حقوق بلدان الاوبيب التي يكمن الهدف المنشود من طرف منظمتهم في لأن تستقر الأسعار في مستوى بين 80 و90 دولار للبرميل. وعلى سبيل المثال، فإن حصة المملكة السعودية من الإنتاج تقدر ب94,8 مليون برميل في اليوم بينما بلغ إنتاجها الفعلي 6,9 ملايين برميل يوميا بمبرر العمل على الحد من الارتفاع المتسارع للأسعار، الأمر الذي لم يعد مبررا اليوم أمام تدني الأسعار بشكل متسارع أيضا وإلى مستويات غير مريحة للبلدان المصدرة في ظل تقدير وجود فائض يتراوح بين 500 ألف إلى مليون برميل إلى آخر السنة الجارية. وفي اجتماع فيينا الأخير المنعقد في 24 أكتوبر الماضي، تقرّر تقليص الإنتاج بحجم 5,1 مليون برميل يوميا ابتداء من أول نوفمبر بهدف وقف التراجع الحاد للأسعار التي فقدت ما نسبته 50 في المائة، من قيمتها منذ جويلية وبهذا ينتقل رسميا سقف الإنتاج للبلدان ال11 المعنية بنظام الحصص من 8,28 مليون برميل يوم إلى 3,27 مليون برميل يوم ليكون حجم العرض في حدود 8,1 مليون برميل يوم ولم يسجل حينها أي اختلافات بين الأعضاء حسب رئيس المنظمة بما فيها العربية السعودية التي أبدت تجاوبا في الوصول إلى تسوية لا تضر بالمصدرين ويتوقف الأمر فقط على درجة التزام جميع الأطراف بالاتفاق مع دعوة البلدان غير الأعضاء وأبرزها روسيا والنرويج والمكسيك إلى الإسهام في التوقف عن إغراق السوق بالذهب الأسود حتى تستعيد استقرارها بما يضمن أسعارا مقبولة لا تضر بأي من الأطراف ومن ثمة اتضاح المعطيات لضمان معادلة متوازنة بين مصالح المصدرين والمستهلكين. غير أن المكسيك لم تستجب للنداء بينما اعتبرت روسيا أن أولوياتها تمنعها من التخفيض. وبخصوص الفائض الآخر المقدر بحوالي 300 ألف برميل يوميا سيتم سحبه أيضا لبلوغ هدف تقليص 5,1 مليون ب. ي مع الشهر الأخير من السنة الجارية أي بعد مراجعة عقود الصفقات ومتابعة مدى الالتزام باتفاق 24 أكتوبر. والبلدان التي أشعرت بالتخفيض إلى الآن هي الجزائر والإمارات والكويت ونيجيريا وإيران.