منذ السابع من أكتوبر، لم تهدأ الغارات الصّهيونية العنيفة على قطاع غزة، وفي السّاعات الأخيرة تركّز العدوان الصهيوني على المستشفيات للدفع بمزيد من المدنيّين إلى الفرار نحو جنوب القطاع المحاصر، حيث كثّفت قوات الاحتلال قصفها على المراكز الصحية، واستهدفت بشكل خاص مجمع الشفاء الطبي الذي يعد أكبر منشأة صحية في القطاع، حيث تمّ قصف قسم الجراحة بينما توقف قسما العناية المركزة والأطفال عن العمل، واشتعل حريق في قسم الكلى بسبب القصف. وحذّرت مصادر صحية في غزة من أن الوضع بات كارثيا والأطفال داخل المستشفى والمرضى يموتون. وقد أعلنت الصحة الفلسطينية، أمس السبت، توقف العمليات بمجمع الشفاء الطبي بعد نفاد الوقود بشكل كامل. وأفاد محمد أبو سليمة مدير المجمع، أنّ أطفالا ومرضى توفّوا بسبب توقف الأجهزة بعد انقطاع الكهرباء عن المجمع، مشدّدا على أن ساعات فقط تفصل مرضى آخرين والطواقم الطبية عن الموت. جاء هذا بعدما أعلنت منظمة أطباء بلا حدود أنّها عاجزة عن الاتصال بأي من موظفيها داخل مستشفى الشفاء في مدينة غزة، حيث يتعرض منذ الجمعة لقصف صهيوني مكثف. وتقدّمت قوات الجيش إلى مسافة ثلاثة كيلومترات من المستشفى، الذي تزعم دولة الاحتلال أن حركة حماس تتخذه مقرا لها، كما حاصرته من 4 جهات. ومنذ الجمعة كثّفت قوات الاحتلال حصارها للعديد من المستشفيات في القطاع، لاسيما مربع المستشفيات والشفاء، في محاولة للدفع بالمزيد من المدنيين إلى خارج مدينة غزة، نحو جنوب القطاع، بما يسهل على فرقها العسكرية ودباباتها التوغل أكثر في الشمال، لاسيما في ما تعتبره المربع الأمني لقيادة حماس، وتطبيق سياسة "الأرض المحروقة". مستشفى الشّفاء لا كهرباء ولا أكسجين في السياق، أعلن المتحدّث باسم وزارة الصحة الفلسطينية، أشرف القدرة، أمس السبت، أنّ مجمّع الشفاء الطبي خرج عن الخدمة بسبب "استهداف الجيش الصهيوني لكل شيء يتحرك داخل المجمع". وفي تصريحات نقلها المكتب الإعلامي الحكومي بغزة عبر تلغرام، قال القدرة "نحن محاصرون داخل مجمع الشفاء الطبي في هذه الأثناء، وهناك عدد كبير من المُسيرات في كل الاتجاهات". كما أشار إلى "توقف قسمي العناية المركزة والأطفال وأجهزة الأوكسجين عن العمل"، مضيفا: "فقدنا مريضين والبقية مهددون بالموت في أي لحظة بسبب كثافة النيران داخل المستشفى". وأكد القدرة أن النازحين والجرحى والطواقم الطبية داخل مجمع الشفاء الطبي يعانون بسبب عدم وجود طعام ولا ماء وبالتزامن مع انقطاع التيار الكهربائي وانتشار الخوف بينهم بسبب إطلاق النار الكثيف. وفي تصريح منفصل، قال القدرة إن العمليات في مجمع مستشفى الشفاء، أكبر مستشفى في القطاع، توقفت بعد نفاد الوقود تماما. وأضاف "نتيجة لذلك توفي طفل رضيع في قسم الحضانة حيث يوجد هناك 45 من المواليد الجدد". وكان 21 من أصل 35 مستشفى في قطاع غزة خرجت عن الخدمة، في وقت تعرضت مستشفيات في غزة وشمالها إلى هجمات صهيونية متواترة على مدار ساعات سواء باستهداف مبان داخل المشافي أو في محيطها. كلّ هذه التطورات الخطيرة تأتي غداة عقد مجلس الأمن الدولي جلسة مفتوحة، ركزت على الأوضاع الصحية بقطاع غزة. وطالب المندوب الفلسطيني لدى الأممالمتحدة، رياض منصور، مجلس الأمن بوقف المجازر التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق سكان قطاع غزة، مشيرا إلى أن المستشفيات في غزة باتت الهدف الأول للاحتلال. وقال مدير منظمة الصحة العالمية، تيدروس غيبرييسوس، إن الوضع الطبي في غزة غير قابل للوصف، وأضاف أن نصف مستشفيات غزة البالغ عددها 36، وثلثي مراكز الرعاية الصحية الأولية لا تعمل، وأن التي ما زالت تعمل تستوعب ما يفوق طاقتها بكثير، واصفا نظام الرعاية الصحية بأنه "على شفا الانهيار". كما تابع تيدروس للمجلس المؤلف من 15 عضوا، بأن ممرات المستشفيات مكتظة بالجرحى والمرضى والمحتضرين، وكذلك المشارح مكتظة، أما العمليات الجراحية فتجرى دون تخدير، مشددا على أن عشرات الآلاف من النازحين يحتمون بالمستشفيات. إصلاح مجلس الأمن حتمية كما أضاف أنه منذ السابع من أكتوبر المنصرم، تحققت منظمة الصحة العالمية من أكثر من 250 هجوما على منشآت الرعاية الصحية في غزة والضفة الغربية. جاء هذا بعدما حذر مدير المنظمة من أن النظام الصحي في قطاع غزة ينهار، مشدّدا على أن المطلوب هو توفير الإمدادات الطبية والوقود، موضّحا أن المساعدات التي تصل إلى قطاع غزة لا تكفي. كما لفت إلى أن هذه الأزمة في قطاع غزة تؤكد ضرورة إصلاح مجلس الأمن، مشيرا إلى استخدام الفيتو من جانب أميركا لإحباط مشروعات قرارات لوقف القتال. إلى ذلك، وقف مجلس الأمن دقيقة صمت في بداية الجلسة حدادا على المدنيين الذين استشهدوا، إلى جانب 101 من العاملين مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).