وصل "قطار التغيير" الذي أطلقه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبّون منذ توليه سدّة الحكم في ديسمبر 2019، دون أن يتوقف، إلى عدّة أهداف في محطته الرابعة، لمس نتائجها الإيجابية المواطن على عدّة أصعدة، سيّما تلك المتعلقة بتمتين أسس دولة الحق والقانون، ودعم الطابع الاجتماعي للدولة، بحيث كرّس مبدأ الإنصاف والعدالة الاجتماعية حفظا لكرامة الجزائريين. خالفت النتائج الإيجابية المحقّقة والثبات على مسار التغيير الشامل، توقعات أصحاب الشكوك الذين حاولوا نفث سمومهم بين الفينة والأخرى من أجل إذكاء التوتر الاجتماعي وزعزعة الاستقرار الوطني، غير أنّ تنفيذ الالتزامات الانتخابية للرئيس تبّون في آجالها، أخرست تلك الأفواه وطمأنت الجزائريين باستكمال مسيرة بناء الجزائر الجديدة وتمتين أسسها وفق الأهداف المسطرة مهما كانت التحديات. في سياق خاص، ميّزته التحوّلات المتسارعة في العالم بأسره، فرضت على جميع البلدان التكيّف والاستجابة لمتطلبات المجتمع وتطلعاته، واصل رئيس الجمهورية عبد المجيد تبّون، في العام الرابع من عهدته الانتخابية تنفيذ التزاماته داخليا وخارجيا، وفق الألويات المحدّدة بدء من تعزيز دولة الحق والقانون، تقوية الاقتصاد وتوفير فرص العمل، دعم الجبهة الاجتماعية، وتعزيز الأمن والاستقرار على الساحة الداخلية والخارجية. وقد تجاوب مع التطوّرات الدولية بالمرونة اللازمة، من خلال تكييف السياسات العمومية مع السياق العالمي، وتبني سياسات استباقية سمحت باستكمال إصلاح المنظومة القانونية والمؤسساتية تكريسا للحوكمة، دعم السياسة الاجتماعية للدولة، تقوية الاقتصاد الوطني، وتحقيق تنمية بشرية وسياسة اجتماعية معززة. تعزيز دولة القانون وتجديد الحوكمة تعزيزا لدولة القانون وتجديد الحوكمة، واصل رئيس الجمهورية مسار الإصلاحات العميقة للعدالة وتعزيز الممارسة الكاملة للحقوق والحريات والعلاقة التكاملية مع السلطة التشريعية، وقد تم في هذا المجال استكمال الإطار التشريعي والتنظيمي المعزز لاستقلالية القضاء، عبر إعداد القانون الأساسي للقضاء، وتكريس بذلك الاستقلالية الإدارية والمالية للمجلس الأعلى للقضاء، بتزويده بهياكل إدارية تسمح له بالقيام بمهامه لاسيما في مجال تسيير الحياة المهنية للقضاة، كما تم التنصيب الفعلي ل6 محاكم إدارية للاستئناف وكذا 12 محكمة تجارية متخصّصة في إطار، بالإضافة إلى تعزيز القطاع بالموارد البشرية من خلال توظيف استثنائي ل1500 طالب قاضي على مدى 3 سنوات. أما في مجال تعزيز الممارسة الكاملة للحقوق والحريات، فقد تم وضع الإطار القانوني المناسب لتعزيز مكانة المجتمع المدني، وترقية الحوار الاجتماعي في عالم الشغل وتدعيم ممارسة الحق النقابي والوقاية من النزاعات الجماعية، عبر إصدار قانون الحق النقابي وحق الإضراب، وهو ما شكل قفزة نوعية في إصلاح الإطار القانوني الساري منذ سنوات التسعينات، قصد تكييفه مع التطورات الاجتماعية والاقتصادية التي عرفتها الجزائر ومع المعايير المعمول بها في هذا المجال، بما من شأنه تشجيع المساهمة الفعالة للشركاء الاجتماعيين في الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية العميقة التي باشرها رئيس الجمهورية. وواصل رئيس الجمهورية العمل على تشجيع ازدهار المجتمع المدني وممارسة حريات الاجتماع والتظاهر السلمي وإنشاء الأحزاب السياسية، من خلال إعداد القوانين العضوية والقوانين الجديدة المؤطرة لممارسة هذه الحريات، تكريسا لأحكام الدستور، مع تقديم الدعم والمرافقة للمرصد الوطني للمجتمع المدني والمجلس الأعلى للشباب اللذان يعدان بمثابة منتدى القوى الحية في المجتمع. وفى الرئيس تبّون بتعهداته للصحافيين، حيث كللت جهوده المبذولة في مجال تعزيز حرية الصحافة والإعلام، بإصدار القانون العضوي للإعلام، وقانوني السمعي البصري، والصحافة المكتوبة والإلكترونية، كما وضع حجر الأساس لمشروع المدينة الإعلامية "دزاير ميديا سيتي"، وتم إطلاق محطتي راديو جديدتين "إفريقياfm وزمانfm " وإنشاء 10 مكاتب للإذاعة في الولايات الجنوبية الجديدة. وفيما يتعلق بتكريس العلاقة التكاملية بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، فقد جسد الرئيس التزامه المتعلق بتعزيز الصلاحيات الرقابية للبرلمان، من خلال وضع المشاركة في الأنشطة البرلمانية على رأس أولويات أعضاء الحكومة، وقد توّج هذا بتحسّن واضح لعمل آليات الرقابة البرلمانية، حيث تم على سبيل المثال لا الحر مرافقة 44 بعثة استعلامية مقابل 23 بعثة في الدورة السابقة، والتكفل ب 2162 عريضة قدّمها أعضاء البرلمان، 570 عرضة وجهت للوزير الأول، كما تم التأسيس للقاءات دورية بين الولاة والبرلمانيين سمحت بعرض 2534 انشغالا من انشغالات المواطنين، تم التكفل ب 2185 انشغالا ورفع 412 انشغالا إلى السلطات المركزية المختصة. المراجعة العميقة للنصوص القانون والتنظيمية المهيكلة، في إطار وضع الإطار القانوني المتصل بالإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الكبرى التي قررها رئيس الجمهورية، أفضت إلى إصدار 1297 نصا قانونيا وقد تم إعداده وفق مقاربة تشاركية ضمّت جميع الفاعلين، وهي إصلاحات تشكل لبنة أخرى لتكريس الحقوق والحريات وتعزيز دولة القانون والمؤسسات وتحسين الحوكمة ونجاعة الاقتصاد الوطني، وتتجاوز إطار قانوني وتنظيمي تجاوزه الزمن، لأنّ بعض القوانين تعود إلى ستينيات القرن الماضي. أخلقة الحياة العامة ومحاربة الفساد... معركة مستمرة وصف رئيس الجمهورية حين سئل عن 2023 ب«سنة تعزيز وتكريس ما تم تحقيقه من إنجازات"، واستكمالا لما تم تنفيذه قبل هذا العام، في مجال مكافحة الفساد، حرص على تكريس الشفافية والنزاهة في تسيير الأموال العمومية لإبعاد نفوذ المال عن تسيير الشأن العام. ومن أجل خلق مناخ سياسي واجتماعي واقتصادي مناهض للفساد، وبناء دولة الحق والقانون تكرس فيها مبادئ النزاهة والشفافية والمساءلة ووضع منظومة قانونية ومؤسساتية فعالة ومؤهلة، تم إطلاق الاستراتيجية الوطنية للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته نصف جويلية 2023، بعد تنصيب السلطة الوطنية العليا للشفافية والوقاية من الفساد في نفس الشهر من العام الماضي، وبنيت هذه الاستراتيجية على نهج تشاركي يستوعب كلّ فعاليات المجتمع المدني، وترتكز على 5 مبادئ، ينبثق منها 17 هدفا و60 مشروعا، تتمحور حول تعزيز الشفافية وأخلقة الحياة العامة، من خلال ترقية نزاهة الموظف العمومي وتعزيز المساءلة في تسيير الشأن العام، فضلا عن تعزيز الشفافية والنزاهة في القطاع الاقتصادي عبر الوقاية من تبييض الأموال. كما تسعى هذه الاستراتيجية إلى تشجيع التعاون الدولي واسترداد الموجودات لاسيما من خلال آليات استرداد الموجودات وتسييرها عبر وضع إطار قانوني لمتابعة تسيير الأموال المحجوزة أو التي تمت مصادرتها مع السهر على دعم دور وقدرات أجهزة الرقابة وسلطات إنفاذ القانون. وفي هذا السياق، عزز رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، التعاون مع الهيئات والبلدان لتحصيل الأموال المنهوبة، وقد تم مواصلة تنفيذ قرارات العدالة النهائية لمصادرة الأموال المنهوبة، وتنفيذ الاتفاقيات الدولية والإنابات القضائية لتحديد الأموال المهربة إلى الخارج وحجزها ومصادرتها، بحيث تم توجيه 259 إنابة قضائية دولية 40 منها منذ سنة 2022 و7 طلبات مساعدة قضائية إلى31 بلدا لتحديد الأموال المنهوبة وحجزها وتجميدها بغرض مصادرتها، كما تم التنفيذ الجزئي ل 62 إنابة قضائية دولية لتحديد الأموال المنهوبة وتجميدها. وصرح الرئيس تبّون ديسمبر الماضي، أنّ الجزائر تمكنت من استرجاع أموال وممتلكات منهوبة بقيمة تتجاوز 22 مليار دولار، موضحا أنّ الأموال المسترجعة شملت الداخل والخارج، وحصرها جاء بناء على تقارير وزارتي المالية والعدل، مؤكدا أنّ قضايا الفساد لا تشمل القضايا القديمة فقط وإنّما تشمل الجديدة أيضا. تكريس الطابع الاجتماعي للدولة التزم رئيس الجمهورية بتكريس المبدأ الدستوري الراسخ للدولة الجزائرية بكونها ستظل محافظة على الطابع الاجتماعي الذي يضمن التكفل بالفئات الهشة، تحقيقا للإنصاف والعدالة الاجتماعية في المجتمع، حيث وضع ضمن أولوياته ونصب عينيه الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن حتى يجعله في منأى عن تداعيات الاضطرابات الدولية والتغيرات المناخية الحادة التي مست كلّ اقتصاديات العالم بمنحى تصاعدي منذ عدة سنوات، والتي نتج عنها ارتفاع أسعار المنتجات ذات الاستهلاك الواسع. وقصد مواجهة هذا التحدي وتفادي أثرها على المستوى المعيشي للجزائريين، وضمان استقرار أسعار المواد الواسعة الاستهلاك وسّع رئيس الجمهورية نطاق تدخل الدولة في مجالات التحويلات الاجتماعية، حيث رفع مبلغ التحويلات الاجتماعية المباشرة المخصّصة في ميزانية الدولة إلى 2714 دينار جزائري سنة 2023، أيّ بزيادة 178 مليار دينار، ما يعادل 18.45 بالمائة من ميزانية الدولة لسنة 2023. وعلى سبيل المثال لا الحصر، ارتفعت المبالغ المخصّصة لدعم الحليب والحبوب والزيت والسكر من 318 مليار دينار جزائري، سنة 2021 لتبلغ 795 مليار دينار سنة 2022 جراء ارتفاع الأسعار على المستوى الدولي، كما أنّ المبالغ المخصّصة لهذه المواد بلغت أواخر سبتمبر 2023 مبلغ 546 مليار دينار وهي مرشحة أن تصل 704 مليار دينار سنة 2024. دعم الدولة لا ينحصر على المواد الواسعة الاستهلاك، حيث تقدّم دعما للمواطن في السكن بحيث ارتفع الدعم من 273 مليار دج سنة 2022 إلى 346 مليار دينار سنة 2023، كما تقدّم دعما للربط بالكهرباء والغاز والمياه وخصّصت151 مليار دينار سنة 2023 من أجل مواصلة عملية ربط المناطق النائية مع العلم أنّ ربط مسكن واحد بالكهرباء والغاز يكلف الدولة 1.5 مليون دج في الشمال، وأكثر من مليوني دينار في المناطق الأخرى. وإضافة إلى ذلك، تقدّم الدولة إعانات ضمنية تساهم بها على نطاق واسع في الحفاظ على المستوى المعيشي للمواطن، منها الإعانات غير المباشرة لأسعار الوقود والكهرباء والغاز الطبيعي، التي ستتعدى 4.935 مليار دينار سنة 2023، لتتجاوز حجم الإعلانات المباشرة وغير المباشرة 7600 مليار دينار، أيّ ما يعادل 22.58 بالمائة من الناتج الداخلي الخام. وفضلا عن حزمة النصوص القانونية والتنظيمية التي تم المبادرة بها من أجل تحقيق الإنصاف والعدالة الإجتماعية، كمشروع قانون المسنين، وتنظيم صندوق النفقة، وقواعد منح السكن الترقوي الحر، اتخذ رئيس الجمهورية عدة قرارات وإجراءات لدعم القدرة الشرائية للمواطن وحفظ كرامته، بحيث تم تخصيص مبلغ سنوي قدره 340.4 مليار دينار قصد التكفل بزيادة أجور أكثر من 2.8 مليون موظف وعون متعاقد، وتخصيص مبلغ 129.15 مليار دينار لتثمين معاشات التقاعد، بتحديد الحدّ الأدنى لمنحة التقاعد ب 75 بالمائة من الأجر الوطني الأدنى المضمون وب 100 بالمائة فيما يخص معاشات التقاعد مع تثمين المعاشات المحصورة بين 20 ألف دينار و50 ألف دينار مع ضمان زيادة قدرها 2000 دج لجميع الفئات، وتخصيص مبلغ 52.63 مليار دينار من أجل استفادة 3.8 مليون متقاعد منتسب لصناديق الضمان الاجتماعي من زيادة بين 3 و5 بالمائة، وكذا 11 مليار دينار من أجل تثمين منح معطوبي حرب التحرير وذوي الحقوق. ولم ينس رئيس الجمهورية فئة البطالين، حيث خصّص مبلغ 251.8 دينار من أجل تغطية ثمانية أشهر من سنة 2023 لمنحة البطالة، لما يفوق 2.1 مليون شاب كما التزم بإدماج ما يقارب 4100 مستفيد من أجهزة المساعدة على الإدماج المهني قبل 31 ديسمبر 2023، لتستكمل عملية الإدماج نهائيا. أما في إطار ترقية التشغيل ومحاربة البطالة، ووفق مقاربة اقتصادية تم تأسيس الحق في العطلة بغرض إنشاء مؤسسة لفائدة الموظفين ووضع الأطر التنظيمية الخاصة بذلك، كما تم تنصيب ما يقارب 312 ألف طالب عمل في إطار جهاز الوكالة الوطنية للتشغيل بالإضافة إلى تعزيز إيواء أصحاب المشاريع على مستوى حاضنات المؤسسات، كما تم تمويل ما يقارب 7290 مؤسسة مصغرة من طرف مؤسسة دعم وتنمية المقاولاتية وما يفوق 8300 مشروع في إطار وكالة تسيير القرض المصغر، بدورها قامت الصناديق الاستثمار الولائية بتمويل 110 مشروع بمبلغ مساهمات إجمالي يقدر ب 8.3 مليار دينار.