الالتحاق بوظائف المسؤولية في الدولة يتم حصريا على أساس المؤهلات عززت الجزائر الإطار المؤسساتي والتنظيمي المتعلق بالشفافية والنزاهة والحكم الراشد، في سياق استراتيجية أقرها الرئيس وكرسها الدستور الجديد، والتي ترمي إلى أخلقة الحياة العامة وتعزيز المساءلة و المحاسبة، وتجسد ذلك بتنصيب السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته، التي تتولى التحري الإداري والمالي في مظاهر الإثراء غير المشروع لدى الموظفين العموميين". و وضع حد لمظاهر التسيب والنهب التي عرفتها بلادنا خلال السنوات الماضية والتجاوزات الخطيرة التي حدثت في تسيير الشأن العام وتبديد المال العام، وانتشار مختلف مظاهر الفساد. جدد الوزير الأول، أيمن بن عبد الرحمان، التزام الحكومة بالمضي قدما في مسعى أخلقة الحياة العامة، تجسيدا للوعود التي قدمها رئيس الجمهورية، وذلك خلال إشرافه، الثلاثاء، على مراسم التنصيب الرسمي لرئيسة وأعضاء السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته. وقال الوزير الأول، بأن الحكومة أدرجت ضمن مخطط عملها، إصلاح قانون الوقاية من الفساد ومكافحته من أجل تشديد العقوبات المرتبطة بجرائم الفساد. كما أكد الوزير الأول بهذا الخصوص، اعتماد آليات عملية لتسيير الأملاك المحجوزة والمصادرة وتسيير الشركات محل المتابعات القضائية في قضايا فساد وكذا اعتماد طريقة تسوية ودية تضمن استرداد الأملاك المختلسة، فضلا عن تعزيز التعاون الدولي لاستعادة الأموال المنهوبة التي تم تحويلها إلى الخارج. وشدد الوزير الأول على ضرورة تعزيز الجهود الرامية إلى مكافحة الفساد، مشيرا إلى أن الإنجازات المحققة لم ترق إلى الطموحات والتطلعات المرجوة، نظرا لعدم وجود إرادة سياسية قوية في مكافحة الفساد آنذاك. على الرغم من وجود الإطار القانوني والمؤسساتي الذي يسمح لمواجهة الفاسدين، تمثل أساسا في إصدار القانون المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته سنة 2006 وإنشاء الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته وكذا الديوان المركزي لقمع الفساد". وقال بهذا الخصوص: "لقد رأينا جميعا حجم التراكمات الناجمة عن الممارسات السلبية التي عرفتها بلادنا خلال السنوات الماضية والتجاوزات الخطيرة التي حدثت في تسيير الشأن العام وتبديد المال العام، وانتشار مختلف مظاهر الفساد". و أشار الوزير الأول إلى أن الجزائر "كانت قد باشرت مسار إصلاحات كبرى وعميقة تضمنها برنامج رئيس الجمهورية الذي التزم ببناء جزائر جديدة تعزز فيها مبادئ الشفافية والنزاهة والحكم الراشد وتكرس فيها أسس دولة الحق والقانون". ردع الموظفين العموميين الفاسدين وأكد الوزير الأول، التزام الرئيس عبد المجيد تبون، وسعيه منذ توليه منصب القاضي الأول في البلاد، لأخلقة الحياة العامة واستقلالية القضاء وتعزيز المساءلة والمحاسبة وعلى ضرورة فصل المال عن السياسة لإبعاد نفوذ المال عن تسيير الشأن العام"، مبرزا "حرص رئيس الجمهورية على وضع اللبنات الأساسية لتكريس دولة المؤسسات". وقد انعكس كل ذلك --يقول السيد بن عبد الرحمان-- من خلال "التعديلات الجوهرية لدستور 2020، حيث تشهد الجزائر اليوم المحطة الأخيرة في استكمال بناء الصرح المؤسساتي بتنصيب السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته". وفي هذا الصدد، ذكر الوزير الأول بأن الدستور "صنف هذه السلطة ضمن المؤسسات الرقابية، كما زودها بصلاحيات واسعة تتولى بموجبها وضع استراتيجية وطنية للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته والسهر على تنفيذها ومتابعتها والمساهمة في أخلقة الحياة العامة وتعزيز مبادئ الشفافية والحكم الراشد، والمساهمة في تدعيم قدرات المجتمع المدني والفاعلين الآخرين في نشر ثقافة نبذ الفساد وحماية المال العام". وفي إطار تكييف المنظومة القانونية مع الدستور، توقف السيد بن عبد الرحمان عند القانون رقم 22-08 الصادر بتاريخ 5 ماي 2022 والذي يحدد تنظيم السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته وتشكيلها وصلاحياتها. وقد منح هذا النص السلطة العليا --مثلما ذكر-- "صلاحيات قانونية أخرى لا تقل أهمية عن الصلاحيات الدستورية، لعل أهمها التحري الإداري والمالي في مظاهر الإثراء غير المشروع لدى الموظفين العموميين". كما حرص ذات القانون على "توسيع تشكيلة مجلس السلطة العليا لتشمل إلى جانب قضاة وشخصيات وطنية ممثلين عن المجتمع المدني، استنادا إلى الدور الذي يمكن أن يلعبه المجتمع المدني كشريك أساسي ورئيسي في مكافحة الفساد والوقاية منه والتبليغ عنه". منظومة للوقاية من تضارب المصالح كما تحدث الوزير الأول، بهذا الخصوص، عن التدابير التي تنوي الحكومة القيام بها لاستكمال مسار أخلقة الحياة العمومية، وخاصة في الشق المتعلق بعصرنة الإدارة وتبسيط الإجراءات الإدارية و رقمنتها وكذا على تعزيز نزاهة الموظفين العموميين من خلال "وضع منظومة للوقاية من تضارب المصالح وجعل الالتحاق بوظائف المسؤولية في الدولة يتم حصريا على أساس المؤهلات والجدارة والكفاءة والنزاهة". ومواصلة لهذه الجهود، أشار الوزير الأول إلى أنه من "المنتظر استكمال إعداد النصوص التنظيمية التي ستسمح للسلطة العليا من ممارسة مهامها وصلاحياتها بفعالية وعلى أكمل وجه، لاسيما مهمة وضع الإستراتيجية الوطنية للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته مع تحديد آليات تنفيذها ومتابعتها". وفي هذا الصدد، أعرب السيد بن عبد الرحمان عن يقينه بأن "خبرة وكفاءة رئيسة وأعضاء هذه السلطة من شأنها المساهمة في تحقيق هذه الأهداف"، مؤكدا أنهم "سيلقون من الحكومة كل الدعم، تنفيذا لتعليمات السيد رئيس الجمهورية الذي أمر بتوفير كل الإمكانيات المادية والبشرية التي تسمح للسلطة بتحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها". وفي الأخير، أعلن الوزير الأول عن تنصيب السيدة سليمة مسراتي رئيسة للسلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته، بالإضافة إلى أعضاء مجلس السلطة.