سيف في وجه مستبيحي مال الشعب وأعداء الاقتصاد الوطني تعزيز مبادىء الشفافية وتكريس ثنائية المساءلة والمحاسبة تواصل الجزائر بكل حزم مكافحة ظاهرة الفساد الذي يعتبر إحدى أولوياتها التي سخرت لها كل الوسائل الضرورية لاستئصال هذه الآفة التي استفحلت خلال سنوات العهد البائد، وألحقت أضرارا بالغة بالاقتصاد الوطني، وذلك من خلال تجسيد مسار إصلاحات كبرى ضمن برنامج رئيس الجمهورية الذي تعهد ببناء «جزائر جديدة»، تعزز فيها مبادىء الشفافية، المساءلة والمحاسبة ، وتقوم دعائمها على فصل المال عن السياسة، كان آخرها الإعلان عن تعديل قانون الوقاية من الفساد ومكافحته، المنتظر أن يعزز المنظومة التشريعية للوقاية ومحاربة هذه الظاهرة، تماشيا والآليات المستحدثة في مجال الوقاية من جرائم الفساد. حرصا منه على المضي قدما في محاربة آفة الفساد بكل تجلياتها، وإبعاد سلطان المال عن تسيير الشأن العام وتطهير مفاصل الدولة منه، حرص رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، خلال ترٍؤسه آخر اجتماع لمجلس الوزراء على التشديد على أن «القضاء هو السلطة الوحيدة المخول لها الفصل في قضايا الفساد، وهي المصدر الأوحد لوضع الآليات القضائية لوقاية المجتمع منه»، حيث أن القضاء هو المخول له التحقيق في الصفقات العمومية وكل قضايا الفساد والتحويلات إلى الخارج في إطار الاتفاقيات الدولية المتعلقة بمكافحة تبييض الأموال. كما أعلن الرئيس بالمناسبة عن «استحداث وكالة وطنية لاسترجاع الممتلكات والأموال المُصادرة كآلية جديدة تكون تحت وصاية وزارتي المالية والعدل»، وهذا موازاة مع مراجعة قانون الوقاية من الفساد ومكافحته على أنقاض قانون سنة 2006، حيث يعتبر القانون سالف الذكر برأي مختصين بمثابة سيف في وجه كل من تسول له نفسه تدمير الاقتصاد الوطني واستباحة مال الشعب، وضد كل محاولات ضرب أمن البلاد واستقرارها. وتجلت إرادة الدولة في القضاء على هذه الظاهرة في التغييرات التي طرأت على المستوى المؤسساتي، حيث حرصت الجزائر في عهد الرئيس تبون على مواجهة الفساد وملاحقة الفاسدين، وأعلنت حربا دون هوادة، وهو ما برز في ديباجة دستور 2020 التي جاء فيها «تعبر الجزائر عن تمسكها بالعمل للوقاية من الفساد ومكافحته وفقا للاتفاقيات الدولية التي صادقت عليه»، ويجدر التنويه أن كلمة فساد وردت في الوثيقة التي تحكم البلاد 11 مرة . استرداد الأملاك والأموال المختلسة ومن المنتظر أن يكون مشروع قانون مكافحة الفساد الجديد فاصلا في الحقبة التاريخية التي تمر بها الجزائر لمحاربة الفساد، حيث يبرز من خلال إصلاحه تشديد العقوبات المرتبطة بجرائم الفساد واعتماد الآليات العملية لتسيير الأملاك المحجوزة والمصادرة وتسيير الشركات محل المتابعات القضائية في قضايا فساد، وكذا اعتماد طريقة تسوية ودية تضمن استرداد الأملاك المختلسة، فضلا عن تعزيز التعاون الدولي لاستعادة الأموال المنهوبة التي تم تحويلها الى الخارج»، حسب تصريحات الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمان خلال إشرافه على تنصيب السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته جويلية الماضي. في وقت قد تضمن مخطط عمل الحكومة محورا شاملا يتعلق «بأخلقة الحياة العامة والوقاية من الفساد ومكافحته، وترسيخ القيم الأخلاقية وتجديد الإطار القانوني المطبق على الموظفين العموميين، منه التزام الحكومة بمراجعة قانون مكافحة الفساد»، مثلما ذكره الوزير الأول سابقا. آليات رقابة .. متابعة ومحاسبة عزيمة وإصرار على مواجهة الفساد، تجسدت في المحطة الأخيرة في إطار استكمال بناء الصرح المؤسساتي، حيث تم في شهر جويلية 2022 التنصيب الرسمي لرئيسة وأعضاء السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته في إطار تكييف المنظومة القانونية مع الدستور، وتعزيز الترسانة التشريعية بإصدار القانون الذي يحدد تنظيم السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته وتشكيلها وصلاحياتها، أهمها التحري الإداري والمالي في مظاهر الإثراء غير المشروع لدى الموظفين العموميين. وإلى جانب السلطة الوطنية العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته، تم إنشاء «مفتشية عامة» تابعة لرئاسة الجمهورية تتولى مراقبة نشاط المسؤولين، حيث تتمثل مهمة هذه الهيئة في مراقبة عمل ونشاط المسؤولين، بحيث «لا يدري أي مسؤول متى تقصده هذه المفتشية، إذ يتم إيفاد مفتشين إلى ولاية ما، يكون لهم اتصالا بكل فئات المجتمع من طلبة وبطالين وغيرهم وسيتحرون عن كيفية تسيير هذه الولاية وعن مسائل أخرى متعلقة بمدى تطبيق القوانين والقرارات على المستوى المحلي من خلال إجراءات قانونية صارمة لمحاربة الفساد، عملا بمبدإ «من أين لك هذا»، طبقا لتصريحات سابقة لرئيس الجمهورية. كما تم إنشاء صندوق خاص بالأموال والأملاك المنهوبة المصادرة أو المسترجعة في إطار قضايا مكافحة الفساد بموجب قانون المالية التكميلي لسنة 2021. وستعمل هذه الهيئات الى جانب الآليات التقليدية التي دعمت مهامها في مجال الوقاية من الفساد ومحاربته، حيث تتوفر الجزائر على آليات أخرى، ويتعلق الأمر بالديوان المركزي لقمع الفساد، مجلس المحاسبة، مصالح الضبطية القضائية بمختلف فروعها والمفتشية العامة للمالية. تعزيز الترسانة التشريعية خلال سنة ومن المنتظر حسب الرزنامة التي أعلن عنها مكتب المجلس الشعبي الوطني إحالة عديد مشاريع القوانين ذات الصلة، أهمها مشروع قانون يتعلق بالمحاسبة العمومية، مشروع قانون متعلق بالنقد والقرض، مشروع قانون يتعلق بقمع مخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج، مشروع قانون يحدد القواعد العامة المتعلقة بالصفقات العمومية. كما تعتزم السلطات تجسيد «ثورة» الإصلاحات في قطاع العدالة، وهو ما سيتجسد هذه السنة من خلال مشروع قانون عضوي يتضمن القانون الأساسي للقضاء المنتظر إصداره في غضون السنة التشريعية الحالية 2022 2023.