فطر اللّه سبحانه عباده على الخوف من. والإحساس بالعبودية له، ففرض عليهم خوفه وأوجبه وجعله من كمال الإيمان، قال تعالى: ﴾إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين﴿ (آل عمران الآية 175). يأمر اللّه سبحانه عباده المؤمنين أن يجعلوا خشيتهم وخوفهم منه وحده، ويوضّح لهم أنّ الشيطان يخوفهم أولياه وأنصاره المشركين، ويوهمهم أنهم كثرة وذوو بأس وشدة، وأنّه من الأصلح لهم أن يقعدوا عن لقائهم وأن يتجنّبوا مقابلتهم، وأنّه إذا سوّل لهم هذا أو أوهمهم فعليهم أن يتوكّلوا على اللّه تعالى ويلجأوا إليه ولا يخافوا أولياء الشيطان، بل يجعلون خوفهم منه سبحانه وحده لأن الإيمان يستلزم الخوف من اللّه دون سواه، والأمن من شر الشيطان وأوليائه. والآية الكريمة تشير إلى ورقة عمل يجب الأخذ بها وهي كالآتي: 1 أنّ المؤمن إذا عرضت له أسباب الخوف فعليه أن يقاومها. وأن يصرفها عن ذهنه، وأن يشغل نفسه بما يضاهيها حتى تزول آثارها والآية تشير إلى العلاج وذلك باستحضار عظمة الله سبحانه وقدرته، وأن يجعل خشيته وخوفه من اللّه وحده كي يعيش هادئ النفس آمنا مطمئنا. 2 أنّ المؤمن إذا صدق في إيمانه اتّصف بالشجاعة في الحق، ولقد وعد اللّه سبحانه الخائفين منه بأن يجزيهم الجنة في الآخرة، فقال سبحانه: ﴾وأما من خاف مقام ربه ونهي النفس عن الهوى فإنّ الجنة هي المأوى﴿ (سورة النازعات الآيتان 40 41)، قال تعالى: ﴾ولمن خاف مقام ربّه جنّتان﴿ (الرحمن الآية 41)، وهذا شروع في تعديد آلاء اللّه تعالى الذي يقيضها على المتقين من عباده في الآخرة، وهنا امتنان من الحق جل وعلا وهذا النعيم المقيم الروحي والجسدي لمن خشي ربه وخافه في السر والعلن من الإنس والجن. وبعد عزيزي القارئ الحبيب فهذه دعوة قرآنية كريمة ورائعة إلى أن يعيش الإنسان مع مقام وصفة الخوف ليكتب في المهديين. الإمام الخطيب أبو أسامة تهامي مسجد الهدى الجزائر العاصمة