أحزمة النار تطوّق رفح وتفاقم معاناة أكثر من مليون ونصف فلسطيني ممن تضيق بهم المدينة التي تعتبر آخر ملاذ للنازحين في جنوب قطاع غزة. فرغم التحذيرات الدولية من حدوث كارثة إنسانية وتداعيات خطيرة على المنطقة بأكملها إذا واصل الجيش الصهيوني هجومه على جيب رفح الصغير، فإن هذا الأخير يواصل لليوم 127 غاراته التي تلاحق النازحين وتستهدف مختلف مناطق قطاع غزّة مخلّفة مزيدا من الشهداء والمصابين وأزمة إنسانية تتعقّد يوما بعد يوم. ذكرت الأنباء الواردة من قطاع غزة، أن الاحتلال يواصل حرب إبادته ضدّ الفلسطينيين من خلال شنّ المزيد من الهجمات وارتكاب أفظع المجازر وهذا رغم الانتقادات التي تطال هذا العدوان الغاشم، خاصة بشأن تمديده إلى رفح، حيث حذّر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من حدوث كارثة إنسانية وتداعيات على المنطقة بأكملها إذا واصل جيش الاحتلال هجومه على رفح. وبالتوازي مع ذلك، أعلنت واشنطن أنها لن تدعّم أي عملية عسكرية صهيونية كبيرة في رفح جنوب القطاع، وللمرة الأولى أقرّ الرئيس الأمريكي جو بايدن بأن طريقة الرد الصهيوني في غزة تجاوزت الحدّ. وقال بايدن في تصريحات بالبيت الأبيض مساء الخميس، إنه يتفق "مع الرأي بأن طريقة الرد الصهيوني في غزة على هجوم 7 أكتوبر تجاوزت السقف". وأضاف أن "الرد الصهيوني في غزة كان مبالغا فيه للغاية"، لافتا إلى أن إدارته تبذل جهودا كبيرة من أجل تحقيق اتفاق لتبادل الأسرى بين الاحتلال وحماس ووقف إطلاق نار. وتعتبر تصريحات بايدن الأخيرة، تحولا لافتا في الموقف الأمريكي الذي أكد غير مرة أن الكيان الصهيوني لم يرتكب جرائم ولم يستهدف المدنيين في عملياته العسكرية في قطاع غزة، كما قدّمت الادارة الامريكية مساعدات عسكرية ضخمة لتغذية العدوان الصهيوني الغاشم الذي حصد أرواح 28 ألف فلسطيني أغلبهم نساء وأطفال. وتعليقاً على إعلان رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو أنّه أمر الجيش "بالاستعداد للعمل" في رفح، حيث تمّ تكثيف الضربات الجوية، قال نائب المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأمريكية فيدانت باتيل إن الولاياتالمتحدة "لن تدعم" عملية عسكرية واسعة النطاق لما تنطوي عليه من خطر وقوع خسائر كبيرة في صفوف المدنيين.كما ذكّر باتيل بأن معبر رفح هو شريان حيوي لإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. تحذير من "مأساة رهيبة" من جهته، شدّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على وجوب التوصل إلى وقف إطلاق نار إنساني قبل وقوع "مأساة رهيبة في مدينة رفح المهدّدة بعملية عسكرية صهيونية "، لافتاً إلى أنه يبذل كل ما في وسعه من أجل وقف إطلاق نار إنساني ومستدام، ومن أجل تعبئة منظومة الأممالمتحدة لتقديم المساعدات الممكنة لغزة. وأوضح غوتيريش، في مؤتمر صحافي عقده بمقر الأممالمتحدة في مدينة نيويورك، الخميس، أن نصف سكان قطاع غزة دُفعوا إلى مدينة رفح. وأضاف أن "سكان غزة أُجبروا على التوجّه نحو مدينة رفح، وأن ذهابهم إليها لم يكن بإرادتهم". وتابع: "يجب التوصل إلى وقف إطلاق نار إنساني قبل أن تكون رفح مسرحاً للمأساة الرهيبة التي شهدناها سابقاً في خانيونس وأجزاء أخرى من غزة". وأردف: "سأواصل العمل بإصرار من أجل حصول الشعب الفلسطيني على دولته الخاصة وإنهاء الاحتلال". وشدّد غوتيريش على ضرورة اتخاذ خطوات حقيقية وملموسة نحو حل الدولتين على أساس قرارات الأممالمتحدة والقانون الدولي والاتفاقات السابقة. في السياق، حذَّر المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، تور وينسلاند، من عواقب «كارثية» لأي هجوم صهيوني على رفح المكتظّة بالمدنيين. هذا، ويعاني النازحون الفلسطينيون في رفح المكتظة بالسكان من كارثة إنسانية غير مسبوقة في ظل الحصار الصهيوني المتواصل والقصف الذي يستهدف المنازل المأهولة، فضلا عن تدهور الأوضاع الإنسانية وندرة الغذاء والدواء والوقود وانعدام أبسط مقومات الحياة.