قال ابن قدامة في المغني: وصدقة السر أفضل من صدقة العلانية لقول اللّه تعالى: ﴾إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ﴿. ولما روي في الصحيحين من قوله صلى اللّه عليه وسلم: ''سبعة يظلّهم اللّه في ظلّه يوم لا ظلّ إلاّ ظله...''، وذكر منهم رجلا تصدّق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه. لكن تفضيل صدقة السر على العلانية قد حمله بعض العلماء على الغالب، وفي غير الغالب قد تكون صدقة العلانية أفضل. قال ابن العربي في أحكام القرآن: فأما صدقة النفل فالقرآن صرح بأنها أفضل منها في الجهر بيد أن علماءنا قالوا: إن هذا على الغالب مخرجه، والتحقيق فيه أن الحال في الصدقة تختلف باختلاف المعطي لها والمعطى إياها والناس والشاهدين لها. أما المعطي فله فائدة إظهار السنة وثواب القدوة وآفتها الريا والمن والأذى، وأما المعطى إياها فإن السر أسلم له من احتقار الناس له أو نسبته إلى أنه أخذها مع الغنى عنها وترك التعفف. وأمّا حال الناس فالسر عنهم أفضل من العلانية لهم، من جملة أنهم ربما طعنوا على المعطي لها بالرياء وعلى الآخذ لها بالاستغناء ولهم فيها تحريك القلوب إلى الصدقة لكن هذا اليوم قليل. وعلى كل حال فإن علم الناس بها لا يبطل أجرها، ولا يلزم المتصدق أن يطلب من المتصدق عليه أن يكتم ولو أمره بذلك فإنّه أبلغ في السر.