جاء في الحديث أن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.. “رجل تصدّق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه”. وهذه كناية عن المبالغة في إخفاء الصدقة. قال الإمام النووي: “وفي هذا الحديث فضل صدقة السر، قال العلماء: وهذا في صدقة التطوع فالسر فيها أفضل لأنه أقرب إلى الإخلاص، وأبعد من الرياء وأما الزكاة الواجبة فإعلانها أفضل”. والصدقة برهان واضح على صدق إيمان المتصدق بالله، وفي الحديث (والصدقة برهان) فالمتصدق يتعامل مع الله الذي يعلم السر وأخفى، والذي يخلف عليه ما أنفق أضعافاً مضاعفة، ولقد كان السلف يبذلون أموالهم في سبيل الله عز وجل إيماناً منهم بالعوض من الله الكريم، فقد كان يحيى بن معاذ الرازي يقول: عجبت ممن يبقي معه مالاً، وهو يسمع قوله تعالى إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم(التغابن: 17). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله أو القائم الليل الصائم النهار” (رواه البخاري ومسلم). قال ابن قيم رحمه الله: “إن للصدقة تأثيراً عجيباً في دفع أنواع البلاء، ولو كانت من فاجر أو ظالم أو كافر فإن الله تعالى يدفع بها أنواعاً من البلاء، وهذا أمر معلوم عند الناس خاصتهم وعامتهم وأهل الأرض كلهم لأنهم جربوه”.