نظّم المجمّع الجزائري للّغة العربية ندوة علمية تحت عنوان "المصطلح في اللّغة العربية بين جهود العلماء والمحدثين"، إحياء ليوم العلم الذي اعتادت الجزائر الاحتفال به في كلّ عام تخليدا لذكرى العلامة الشيخ عبد الحميد بن باديس وتمجيدا للعلماء الذين ساروا على نهجه واقتدوا بمبادئه في الدفاع عن اللّغة العربية وتعليمها ونشرها، وبذلوا النفس والنفيس من أجل الحفاظ على هوية الأمة. أشار رئيس المجمّع الجزائري للّغة العربية، البروفيسور الشريف مريبعي، خلال افتتاحه للندوة، إلى أنّ الموضوع الذي اختاره أعضاء المجمّع لهذه المناسبة يتماشى مع رؤى المجمع وتصوّراته في خدمة اللّغة العربية، وخاصة فيما يتعلّق بالمصطلح العلمي من حيث ترجمته وتعريبه واشتقاقه، للتعبير عن المفاهيم الجديدة التي لا مقابل لها في العربية بالنظر إلى أنّ المصطلح هو مفتاح العلوم في مجالاتها المختلفة. وقال مريبعي: "معلوم أنّ اللّغة العربية تواجه تحدّيات كبيرة في مجال المصطلحات العلمية، يدركها أهل الاختصاص ويعانون منها خلال تعاملهم مع هذا الميدان، وذلك بسبب التغيّر التكنولوجي السريع، حيث تتطوّر المجالات العلمية والتقنية بسرعة فائقة نتيجة انفجار الثورة الصناعية والتكنولوجية، ونتيجة تيار الإعلام الجارف الذي يحمل إلينا يوميا آلاف المصطلحات التي تنتجها اللّغات الأجنبية، والتي لا قبل لنا باحتوائها والسيطرة عليها، وتطويعها للغتنا العربية، ممّا يعني أنه يجب على اللّغة العربية أن تتكيّف مع المصطلحات الجديدة التي تظهر في هذه المجالات". وأوضح مريبعي أنّ "من أسباب هذه الفجوة المصطلحية التي تعاني منها اللّغة العربية التأخر الكبير في ترجمة المصطلحات العلمية الجديدة إلى اللّغة العربية، ممّا يتسبب في فقدان اللّغة العربية للمصطلحات المحدثة واستخدام المصطلحات الأجنبية بدلاً منها. مشيرا إلى أنّ النهج الذي نسير عليه في البلدان العربية يجعلنا نسعى على الدوام إلى الالتحاق بركب الحضارة الحديثة ومجاراة حركتها العلمية، وبالتالي لا نقوم بشيء في ميدان الاصطلاحات إلا بسدّ الثغرات". وذكر المتحدث أنّه في محاولة لمعالجة هذه التحديات، تعمل العديد من المؤسّسات والمنظمات على تطوير موارد لغوية ومعاجم متخصّصة تهدف إلى توفير مصطلحات علمية دقيقة وموثوقة في اللّغة العربية. كما يهتم الباحثون والمتخصّصون في اللّغة العربية والترجمة العلمية بالعمل على تحديث المفردات وتطوير قواميس مصطلحات، لافتا إلى أنّه رغم تلك الجهود التي تبذلها هذه المؤسّسات والهيئات العلمية وكذا الأفراد في ترجمة العلوم والفنون، مثل المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ALECSO، والمنظمة العربية للترجمة، والمجلس الأعلى للثقافة في مصر، والهيئة العامة للمعلومات والتوثيق في المملكة العربية السعودية، والمجامع اللغوية العلمية العربية، وغيرها من الهيئات التي تسعى إلى تطوير اللّغة العربية في المجالات العلمية والتقنية، إلا أنّ عملها غير كاف من جهة، ولا يقوم على التنسيق بينها من جهة أخرى. من جهتهما، عالجت الأستاذتان صونيا بكال وفوزية عزوز في مداخلتهما موضوع المصطلح العلمي في اللّغة العربية من حيث وضعه وتوحيد استعماله؛ إذ رغم الجهود التي تبذلها المؤسّسات والأفراد في هذا الشأن، إلا أنّ كمّ الدراسات الناقدة لحال المصطلح يظهر قصورا عن بلوغ الغاية. وتناولت الأستاذة جهاد براهيمي تجربة فرقة بحث في وضع معجم إلكتروني ثلاثي المداخل (عربي، إنجليزي، فرنسي) انطلاقا من مدوّنة نصية، حيث تعرّضت إلى أسلوب المعالجة ومنهجية العمل وكيفية تجاوز العقبات. بدوره، طرح الدكتور محمد صاري في مداخلته الموسومة ب«توحيد المصطلح العلمي واللساني على الخصوص: المشكل غير المشكل" موضوع توحيد المصطلح الشائك الذي يتفاقم يوما بعد يوم، على الرغم من الجهود المبذولة في هذا الشأن والنداءات الداعية إلى توحيد المصطلحات، في حين عالجت الأستاذة سعيدة كحيل، مجموعة من القضايا الراهنة لاستعمال المصطلح المترجم في اللّغة العربية. كما تطرق الأستاذ عمر لحسن في محاضرته، إلى ما تزخر به اللّغة العربية من مصطلحات حضارية، وقدرتها على مواكبة التطوّر في شتى المجالات.