في خطوة دبلوماسية مثيرة وتاريخية، قدّمت الجزائر مشروع قرار للتصويت إلى مجلس الأمن يوصي بمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأممالمتحدة. وعلى الرغم من دعم القرار من قبل 12 عضوًا من أعضاء المجلس الخمسة عشر، فإنّ استخدام الولاياتالمتحدة الفيتو ضده أثار جدلاً واسعًا وتساؤلات حول المسار السياسي المستقبلي للصراع الفلسطيني مع الكيان الصهيوني. استخدمت الولاياتالمتحدةالأمريكية للمرة الثانية في ظرف شهرين الفيتو ضد مشروع قرار جزائري، يوصي الجمعية العامة بقبول دولة فلسطين عضوا في الأممالمتحدة. وصوّت لصالح القرار 12 عضوا من بين أعضاء المجلس الخمسة عشر، وعارضته الولاياتالمتحدة وامتنعت عن التصويت المملكة المتحدة وسويسرا، وبالرغم من أن الفيتو الأمريكي كان متوقّعا، إلا أنه اعتبر لحظة فارقة في تاريخ المجلس، وسقطة أمريكية غير مقبولة في دعمها اللامشروط للكيان الصهيوني. وأثار هذا القرار خيبة أمل عميقة لدى الفلسطينيين، الذين اعتبروا استخدام الفيتو "استمرارًا لسياسة الظلم والإجحاف" ضدهم، وبرّرت الولاياتالمتحدة موقفها بغياب "الإجماع" حول استيفاء فلسطين لشروط العضوية، مُشدّدة على ضرورة "إصلاحات" داخلية وإجراء مفاوضات، فيما يرى مراقبون أن أمريكا باعتبارها دولة عظمى أصبحت تزيد من حدة الصراعات في العالم بدلا من حلها، لاسيما وأن سياسة واشنطن الداعمة للكيان تلقى معارضة شرسة من أصوات أكاديمية وسياسية في أمريكا باعتبار أن هذه السياسة من شأنها أن تتسبّب في صراعات يمكن أن تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة. استنكار عالمي بدورها، ندّدت روسيا بشدة باستخدام الفيتو، ورأت فيه "دليلاً على عدم إيمان الولاياتالمتحدة بحق الفلسطينيين في دولة خاصة بهم". واتهم السفير الروسي لدى الأممالمتحدة، فاسيلي نيبينزيا، واشنطن ب "التواطؤ" مع الكيان في "قتل عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين". كما أعربت فرنسا عن دعمها الثابت لحلّ الدولتين، مُؤكّدة على أنّ عضوية فلسطين في الأممالمتحدة "خطوة ضرورية" لاستئناف عملية السلام المُتعثّرة. وهذه المرة الثانية خلال شهرين، تقدّم الجزائر مشروع قرار للتصويت في مجلس الأمن لدعم القضية الفلسطينية وقبل التصويت، قال السفير الجزائري عمار بن جامع إن قبول العضوية الكاملة لفلسطين يعد خطوة حاسمة "نحو تصحيح ظلم طال أمده"، وقال إنّ هذا هو أقل ما يمكن القيام به "للوفاء بالدين الذي ندين به لشعبها"، وسيمثل إشارة واضحة إلى وقوف المجتمع الدولي إلى جانب فلسطين. وفقًا لتقييمات عدد من الخبراء، فإنّ فيتو الولاياتالمتحدة يعتبر تأييدًا غير مباشر لسياسة العنف والقتل التي ينفّذها الكيان الصهيوني ضد الفلسطينيين منذ أكثر من ستة أشهر. في الوقت نفسه، تميزت الجهود الدبلوماسية التي قادتها الجزائر بتوجيه من رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، بالإشادة من عدة جهات. ومع ذلك، فإن هذا الإجراء الأمريكي الأخير أثار العديد من التساؤلات حول الموقف المستقبلي للجزائر، والخطوات التي ستتخذها لمواجهة الدفاع المستمر عن الكيان الصهيوني. وتطالب الجزائر بصوت عال، بمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأممالمتحدة، وهو الطرح الذي تسانده العديد من الدول الغربية خاصة إسبانيا، والذي دعا رئيس وزرائها إلى الاعتراف بدولة فلسطين بغض النظر عن موقف واشنطن داخل مجلس الأمن كوسيلة ضغط على الكيان الصهيوني، والذي يعرقل مشروع حل الدولتين الذي يحظى بقبول واسع من طرف المجتمع الدولي.