أبرز أخصائيون أهمية الطب الفيزيائي وإعادة التأهيل خلال الأيام الدولية الأولى التي جرت فعّاليتها بالمؤسّسة الاستشفائية لزرع الأعضاء والأنسجة بالبليدة، مع بداية الأسبوع الجاري، فهذا التخصّص غالبا ما يكون المرحلة الأطول والأخيرة للعلاج. حملت التظاهرة العلمية عنوان " أمراض الطفل والطب الفيزيائي وإعادة التأهيل" وعرفت عرض 52 محاضرة وتنظيم 17 ورشة من طرف مختصين مرجعيين في الميدان، والذين أبرزوا علاقة الطب الفيزيائي وإعادة التأهيل بالتخصّصات الطبية الأخرى. تطرق الأطباء للأمراض التي تصيب الطفل وآخر المستجدات لعلاجها على غرار التشنّج العضلي والعصبي، الشلل الدماغي، جراحة المثانة والمسالك البولية العليا، توافق الجراحة مع الطب الفيزيائي، وذلك بمشاركة أربعة مختصين أجانب من تركيا، تونس والبرتغال، فيما تطرق دكتور جزائري مغترب في كندا إلى منهجية التدريس والبيداغوجيا التي تضمن تكوين مكوّنين أكفاء فتكون ممارستهم جيدة في مجال الطب. وأجمع المتدخلون من خلال محاضراتهم بأنّ العمليات الجراحية لعلاج الأمراض الخلقية أو المكتسبة للطفل غالبا لا تكفي، ويلزم أن يتبعها تكفل على مستوى مصلحة الطب الفيزيائي لإعادة توظيف أعضائه، ومن ثمة يمكنه أن يلتحق بمقاعد الدراسة ويندمج في المجتمع. في هذا الصدد، صرح الدكتور زهير بوقارة رئيس مصلحة الطب الفيزيائي وإعادة التأهيل بالمستشفى الجامعي "فرانتز فانون" بالبليدة: "الطب الفيزيائي تخصّص هام ومحوري بالنسبة لكلّ التخصّصات، والدليل أنّ المريض يكفيه ثلاثة أيام فقط لإجراء عملية جراحية، لكن قد تستغرق عملية تأهيله أربع سنوات أو أكثر، وعلى سبيل المثال فيما يخص أمراض المسالك البولية والتشنّجات العضلية، يحدث المشكل في الدماغ ... وزيادة على ذلك، فالمريض يخضع لعمل بسيكولوجي وأرطوفوني لتأهيله وهذا ما يقوم به فريق من الأطباء والممرضين والمختصين في التدليك وعلم النفس وحتى في الرياضة لتأهيل وظائف المريض خلال فترة العلاج أيّ بعد خضوعه للجراحة". ونظرا لأهمية الطب الفيزيائي في إدماج الطفل في المجتمع أو تحسين وضعيته لتخفيف العبء على والديه، فقد أوصى المتحدث إلى ضرورة تغيير النظرة الدونية تجاه هذا التخصّص: " نرغب في إعادة تموضع الطب الفيزيائي وتغيير الاعتقاد السائد على أنه ينحصر في مختص في التدليك، كما ينبغي تعزيز التواصل بينه والتخصّصات المتعدّدة، وكي نعطي الاعتبار للطب الفيزيائي يلزم وضع مصالح له على مستوى مؤسّسات الصحة الجوارية التي يتم على مستواها التكفل بالمرضى، ويصبح المستشفى الجامعي يستقبل فقط الحالات المرضية المستعصية." وأضاف رئيس الجمعية الوطنية للطب الفيزيائي وإعادة التأهيل: "التكفل الأخير بالطفل يكون بالطب الفيزيائي فنحن من نعمل على تأهيله ليكون فعّالا في عائلته ويؤدّي دورا إيجابيا في المجتمع، ومن خلال هذه الأيام الدولية نريد لفت السلطات بأنّ هذا التخصّص مهم وينبغي تغيير الذهنيات التي تختصره في مختص في التدليك." حضر الأيام الدولية أطباء مختصين في طب الأطفال، طب العظام والمفاصل، القلب، والأمراض الصدرية، وذلك بهدف تعزيز التكامل والحوار بين هذه التخصّصات والطب الفيزيائي، حيث أثارت الأستاذة بكلية الطب بجامعة البليدة صباح بن زاوي مسألة عدم توجيه المريض للعلاج على مستوى مصلحة الطب الفيزيائي في الوقت المناسب، الأمر يؤجل إعادة تأهيله بتدخل بسيط وقد تصبح وضعيته مستعصية بحسب تعبيرها. أما الدكتورة زهرة عمري فقد دعت الأولياء للعب دورهم في التكفل بأبنائهم المصابين باحترام مواعيد العلاج والفحص، خاصة وأنّ فترة إعادة التأهيل قد تكون طويلة وتدوم لسنوات، بالأخص إذا كان الطفل متعدّد الإعاقة ويجب استغلال فترة نموّه للتكفّل به بحسب قولها.