تنفيذ المشروع الوطني الفلسطيني.. الأولوية الوحيدة في فترة ما بعد العدوان الصهيوني جددت الجزائر دعوتها لإصلاح جامعة الدول العربية، بما يضمن نجاعة العمل العربي المشترك ومواجهة التحديات المعقدة. وشددت في المقابل، على تنفيذ المشروع الوطني الفلسطيني باعتباره الأولوية الوحيدة في فترة ما بعد العدوان الصهيوني على قطاع غزة. حمل خطاب رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، في الدورة 33 لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة، رسائل صريحة بشأن حتمية تفعيل الدور العربي في الدفاع عن فلسطين وفي سبيل المساهمة الناجعة في حل الأزمات التي تعصف بعديد البلدان في المنطقة. وخلال هذا الخطاب، الذي قرأه وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، أحمد عطاف، ربطت بشكل واضح بين الارتقاء بالعمل العربي المشترك وبين حتمية إصلاح جامعة الدول العربية، معتبرة أن أي تأثير ممكن للدول العربية في الأحداث التي يشهدها محيطها القريب والبعيد، لابد أن يعبر مسار الإصلاح. وبات واضحا، برأي مراقبين، مدى تراجع الدور العربي في معالجة قضاياه الخاصة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية التي كادت تغيب عن سلم الأولويات في السنوات القليلة الماضية، نظرا لغياب قدرات صياغة المواقف الموحدة وتنفيذها على الأرض. ونظرا لهذا الوضع، تم تصريف كل الأزمات العربية نحو الأممالمتحدة وكبار مجلس الأمن الدولي، بما فيها الأزمات الحديثة، على غرار الأزمة السودانية، وقبلها الأزمات السورية، اليمنية والليبية. ومنذ أزيد من 7 أشهر على بداية العدوان الصهيوني الغاشم والهمجي على قطاع غزة، لم يصدر عن جامعة الدول العربية ما يؤثر في تطورات الوضع المأساوي، رغم ما أخذته القضية الفلسطينية من زخم عالمي غير مسبوق، بحيث تحركت المجموعة الدولية دعما للشعب الفلسطيني. هذا الزخم، ساهمت فيه بشكل لافت وقوي، الجزائر على مستوى مجلس الأمن الدولي، منذ بداية مهمتها مطلع السنة الجارية بصفتها عضوا غير دائم، حيث تتولى إطلاق المبادرات وقيادة مشاريع النصوص وإسناد جهود جنوب إفريقيا لمحاسبة الكيان الصهيوني المجرم أمام المحاكم الدولية. وفي السياق، نبه رئيس الجمهورية في خطابه، إلى أن " قضيتنا المركزية (فلسطين) أحوج ما تكون اليوم لأمة عربية موحدة وقوية تتقدم صفوف المناصرين لها، وتكون أول المرافعين لصالحها وتتموقع في طليعة الساعين من أجل إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والسيدة". وأشار الرئيس تبون، إلى عمل الجزائر منذ انضمامها لمجلس الأمن "بكل أمانة، بكل وفاء وبكل إخلاص على تمكين القضية الفلسطينية من استعادة مكانتها المركزية كأقدم قضية على جدول أعمال منظمتنا الأممية، وكأبرز قضية تستدعي تصدر أولويات المجموعة الدولية، وكأهم قضية يستوجب الإيمان بها تعبئة الجهود وحشدها من أجل نصرتها على الوجه اللائق بمقامها في وجدان شعوبنا وواقع دولنا". وتريد الجزائر من البلدان العربية مجتمعة، أن تساهم بشكل حثيث في صناعة مستقبل القضية الفلسطينية، باعتبارها قضيتها المركزية. في وقت يتزايد عدد الدول الغربية المستعدة للاعتراف الوشيك بالدولة الفلسطينية، بينما قامت دول من أمريكا اللاتينية بقطع علاقاتها بالكيان الصهيوني. رقي الدور العربي إلى مستواه الطبيعي المفترض، يمر حتما عبر إصلاح الجامعة العربية والذي نادت به الجزائر مطولا، مع تقويم أساليب عملها. "إصلاح يتقوى الإحساس بضرورته، وإصلاح باتت تتوسع رقعة المطالبة به، وإصلاح أضحت مواطنه تتضح للجميع"، يقول رئيس الجمهورية. وأضاف، بأن هذا الإصلاح بات يفرض نفسه "لتدارك ما فاتنا من جهود ومساعي في مواجهة التحديات الراهنة، ولتوحيد صفوفنا ورصّها أكثر في الدفاع عن مصالحنا المشتركة وقضايانا المركزية ومن أجل إعادة الاعتبار للعمل العربي المشترك واستعادة عافية الوطن العربي واسترجاع موقعه كفاعل دولي مؤثر في مجريات الأمور على الساحة العالمية". خطاب رئيس الجمهورية، تناول مطولا القضية الفلسطينية، وأكد أن المخططات التي يجري العمل عليها لفترة ما بعد الحرب على غزة والتي تعرف إعلاميا ب "اليوم التالي"، لابد ألا تخرج عن قيام دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، باعتباره الخطة الوحيدة. وقال الرئيس تبون "إن ما بعد الحرب على غزة يجب أن يفضي، لا محالة، إلى إنجاز المشروع الوطني الفلسطيني المتمثل في قيام دولة فلسطينية مستقلة وسيدة دون أي قيود أو شروط أو معوقات". وترفض الجزائر، كل الخطط الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية أو التي تصادر القرار الفلسطيني في إدارة مستقبل غزة والضفة الغربية والقدس الشريف، وتتمسك بحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، وفقا لما تنص عليه الشرعية الدولية وما تجمع عليه المجموعة الدولية من قرارات.