يؤكد الناقد عبد الحميد هيمة في تصريحه ل»الشعب» أن أدب الأطفال يتطلب شكلاً فنيًا خاصًا يتلاءم مع المستوى الثقافي للطفل، كما يتطلّب عدم الخروج عن إطار القيم التربوية والاجتماعية والوطنية والدينية، وأن يحرص على غرس قيم الأمة ومبادئها الأصيلة، وبذلك نعد رجالاً أفذاذًا قادرين على العمل والعطاء وخدمة الوطن. أشار عبد الحميد هيمة إلى أنه يجب على الكتاب الذين يشتغلون في هذا الحقل أن يدركوا أن الطفولة ليست موضوعًا واحدًا، إنّما كلّ مرحلة من مراحل الطفولة لديها قلق واحتياجات خاصّة بها. وقال: «ما نلحظه أن للكبار كتابات خاصة موجّهة إليهم، ولكن ما ينقصنا هو الأدب الموجّه للأطفال واليافعين، فما زال اهتمام بهذه الفئة قليل عندنا في الجزائر، على الرغم من العدد الكبير ممن يكتبون لهذه الفئة، إلا أن هذه الكتابات يشوبها الكثير من النقص والتعثر، وعدم وضوح الرؤية». وأضاف «مع عدم إنكارنا لما قدمه الكتاب الجزائريون في هذا المجال، وللجهود التي بذلت وتبذل في مجال الكتابة للطفل في الجزائر، إلا أن هذه الجهود تبقى قليلة ولا تسدّ الحاجيات الكبيرة لفئة الأطفال باختلاف مراحلهم العمرية، لهذا فإننا ندق ناقوس الخطر، وندعو للاهتمام بهذا الأدب لتغطية الفراغ المسجل في هذه الساحة، وذلك بإعداد مجلات خاصة بالطفل، أو على الأقل تخصيص صفحات أسبوعية في الجرائد خاصة بالأطفال، كما يجب أن نهتم بتأسيس المكتبات العمومية الجوارية، في مختلف البلديات والأحياء، وفي المدارس والمؤسسات التعليمية، لتشجيع القراءة لدى أبنائنا».. وأردف حديثه، «في هذا الإطار يجب التفكير في استغلال وسائل الإعلام السمعية البصرية ووسائل التواصل الاجتماعي التي تعدّ اليوم من أهم الوسائل التربوية، دعم كتابة ونشر البحوث في أدب الطفل واليافع، تخصيص منح بحثية تختص بأدب الأطفال واليافعين غايتها تسهيل عمل الباحث، وتمكينه من أدواته؛ لإنتاج أبحاث تتصّف بالجودة والمنفعة، والقدرة على قراءة النتاج الأدبي الموجه للطفل، ومن ثمّ تقييمه، والعمل على تطويره، مستجيبة بذلك لأهداف الهيئة التي تهتم بتطوير أدب الأطفال واليافعين، وتحسين جودة المحتوى المقدم للأجيال الصاعدة، وتعزّز من تأثير الأدب على تكوين شخصيتهم وتطوير مهاراتهم، وبالمستقبل الذي سيصنعه قارئ اليوم من أطفال الوطن، وبالمكتبة العربية التي تعكس ثقافة وحضارة المتحدثين بها». كما شدّد هيمة على أنه آن الأوان لكي نفكر في خلق ثقافة خاصة بالأطفال نابعة من أصالتنا وواقعنا الاجتماعي والثقافي من أجل تقوية الصلات والروابط بين الطفل وأمته، خاصة في ظلّ العولمة التي تسعى إلى القضاء على الخصوصيات الثقافية، مضيفا أنه يجب تشجيع الكتاب للكتابة للطفل، لكي نعيد للكتاب مكانته في العملية التربوية، لأننا نلحظ أن علاقة أبنائنا بالكتاب أصبح يشوبها الكثير من الاضطراب، بل والعزوف عن الكتاب وأحيانا معاداته. وجدّد عبد الحميد هيمة نداءه للوزارة الوصية، إلى تأسيس مجلس أعلى لأدب وثقافة الطفل، أو مرصد وطني لآدب الطفل واليافعين، يضطلع بمهمة التنظيم والرقابة والاستشراف، ووضع الاستراتيجيات ورسم الخطط في مجال الكتابة للطفل، قائلا: «نثمّن الجهود التي تبذلها وزارة الثقافة لترقية أدب الطفل والشباب، وندعوها إلى إعادة إحياء مشروع المسابقة الوطنية لأدب الطفل، وكذا الاهتمام بالمجلات الموجهة للأطفال والفتيان، وكذا تشجيع الأعمال الإبداعية، والدراسات والأبحاث الأكاديمية المتعلقة بهذا الموضوع الحساس الذي يرتبط بمستقل الأمة.»