احتضنت قاعة "الريجيسير حميمد كريم" للمسرح الجهوي لسيدي بلعباس، احتفالية بمناسبة اليوم الوطني الفنان، من تنظيم المسرح الجهوي ومديرية الثقافة والفنون لولاية سيدي بلعباس. خلال اللقاء الذي جمع مثقفين وفنانين، قدم الباحث في التاريخ والأرشيف البحثي رياض شروانة محاضرة حول "محطات في حياة كاتب ياسين، قراءة في الأرشيف الوطني الفرنسي"، وهي الدراسة التي سينجزها مستقبلا للتوثيق لهذه الشخصية التاريخية، حيث يسلّط الضوء على كاتب ياسين الذي كان محل اهتمام الإدارة الأمنية الفرنسية، والتي كانت تراه خطرا محدقا عليها، لما كان له من تأثير كبير على المواطنين الجزائريين خلال الثورة التحريرية. وقال الباحث إنّ فرنسا كانت تتقصّى تحركات المثقفين والأدباء عن طريق مصلحة استعلامات شمال افريقيا، أو ما كان يسمى ب "مصلحة الاستعلامات والتوثيق الفرنسي"، والتي كانت مهمتها تتبع واقتفاء أثر المثقفين والأدباء والساسة في الجزائر، وخاصة أولئك الذين كانت تعتبرهم من الانفصاليين الذين يؤثرون على العقل. وقد أظهرت الوثيقة يقول المتحدث، أنّ كاتب ياسين كان أحد المثقفين الذين سلطت عليهم الإدارة الفرنسية الضوء والمراقبة، حيث جاء في أحد التقارير الفرنسية أن الإدارة الفرنسية التي وافقت على منح محافظة قسنطينة رخصة لكاتب ياسين للقيام بجولة بمحاضرته تحت عنوان "التعلم من السجن"، قد وضعته تحت المراقبة عن قرب للتدخل إن تطلب الأمر. وأضاف بأنّها وثيقة تظهر مدى الرقابة التي كانت مسلطة على كاتب ياسين آنذاك من الإدارة الفرنسية خوفا منها من تأثيره على الجزائريين، كما تحدّث الباحث عن الحالة المدنية للأديب، وعن أصوله ومراحله التعليمية وأيضا عن مؤلفاته، والتي حسب الوثيقة كانت هي الأخرى تحت الرقابة، وبالخصوص روايته "نجمة" التي أثارت غضب الفرنسيين وفضولهم لما تحتويه من ضبابية وغموض، تنم على أن كاتب ياسين كان شخصية ثورية ونضالية بامتياز، وهو ما كان يزيد من تخوف فرنسا من الرجل الخطر. وأكّد بأنّ الوثيقة الفرنسية تحتوي محطة أخرى من حياة الأديب الجزائري، حيث بيّنت مدى اهتمامه بالسياسة وهو ما ظهر من خلال إنشائه الجبهة الجزائرية للحرية، كما أثبتت الوثائق أن كاتب ياسين رجل دين ومتصوف، وتبين ذلك من خلال رسالة له بعثها من فرنسا إلى حاكم قسنطينة يطلب منه زيارة الزوايا بالمدينة برفقة رسام إنجليزي، ومن خلال كتابه عن الأمير عبد القادر في نسخته الأولى. وكما أكّدت الوثيقة الفرنسية أنّ كاتب ياسين كما كان سياسيا وأيضا شخصية ثورية بامتياز. الباحث رياض شروانة كشف أيضا أنّ مصلحة شمال افريقيا للاستعلامات، تضمّنت 140 وثيقة، بينما تضمن أرشيف وزارة الداخلية الفرنسية 40 وثيقة، من ضمنها ملف حول حياة الأديب المناضل كاتب ياسين. وقال إنّ هذه الوثائق وضعتها السلطات الفرنسية في متناول الباحثين سنة 2012 بمناسبة مرور 50 سنة على استقلال الجزائر، قد تكون مرجعا تاريخيا للبحث في تاريخ الجزائر، ورفع اللبس عن الكثير من الشبهات التي تطاله. يذكر، أنّ إدارة المسرح الجهوي بالتنسيق مع مديرية الثقافة والفنون، نظّمت حفلا موسيقيا من تنشيط المايسترو سمير مرابط العازف على البيانو، الذي أطرب الحضور بوصلات موسيقية، ليتم بعدها تكريمه وتكريم فنانين من فئة ذوي الهمم، دعما لإبداعاتهم وتكريم الباحث في التاريخ والأرشيف البحثي رياض شروانة.