قدمت مؤسسة الإمام عبد الحميد ابن باديس بقسنطينة ومنشورات الهدى مؤخرا كتابا مهما يروي جزءا من حياة وتاريخ المفكر مالك بن نبي. الكتاب من توقيع كل من علاوة عمارة ورياض شروانة، تحت عنوان "وثائق مالك بن نبي في الأرشيف الوطني الفرنسي"، حيث قدم الكتاب ما يربو عن 201 وثيقة من الأرشيف الفرنسي تعود لتاريخ 1939. قدم الباحثان قراءة في الوثائق التي تعتبر سابقة غير معروفة ولم يتم التطرق إليها من قبل وبإمكانها إماطة اللثام عن جوانب عديدة من حياة مالك بن نبي لم ترد من قبل في مذكراته. تناول الكتاب الذي جاء في 256 صفحة علاقة "شاهد القرن" بألمانيا والمخابرات الفرنسية خلال الحرب العالمية الثانية وقصة دخوله للسجن ونشاطه ضمن حزب الشعب الفرنسي وعضويته خلال ثلاثينيات القرن الماضي في حزب سياسي محسوب على التيار اليميني. وطرح الكتاب معلومة لأول مرة تخرج إلى العلن تتعلق بمحاولة تجنيد بن نبي من طرف المخابرات الفرنسية عندما كان في باريس بين سنتي 1951 و1952 حيث حاولت مخابرات الاستعمار استعمال بن نبي كطعم لاصطياد المثقفين والعمال الجزائريين الذين كانوا وقود الحركة النضالية هناك. واعتمد الكتاب على ملف أمني لبن نبي كان محفوظا في مصلحة الاتصالات الشمال إفريقية، التابعة لجهاز الاستخبارات ويضم 60 وثيقة تحدثت عن نشاط المفكر الجزائري إضافة إلى ملف قضائي يحتوي على 294 وثيقة تتناول اتهامات وجهتها فرنسا تتعلق بالتآمر على الأمن الخارجي لفرنسا والتعاون مع الألمان خلال الحرب العالمية الثانية وانتهت بسجن مالك بن نبي. وتضمن الكتاب أيضا معلومات عن نشاط مالك بن نبي ضمن حزب الشعب الفرنسي، والذي عمل فيه كمسؤول عن القسم الجزائري للحزب قبل أن يعود إلى الجزائر، ويعمل في مدارس جمعية العلماء المسلمين إضافة إلى عمله في مقر قيادة القوات الألمانية في مدينة ترو الفرنسية إبان الحرب العالمية. وانتهي تقربه من الألمان إلى سفره إلى ألمانيا وعمله كمندوب مع العمال الفرنسيين. الكتاب يقدم قراءة في الوثائق الأرشيفية التي تكشف كمّا كبيرا من المعلومات التي تحيل على الجانب السياسي في حياة مالك خاصة التحاقه بحزب الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري، رفقة فرحات عباس وانضمامه إلى الوفد الخارجي للثورة سنة 1957. وقال الباحث وأحد المشرفين على العمل رياض شروانة في اتصال معه، إنه ينبغى وضع المعلومات الواردة في الكتاب في إطارها التاريخي الزماني والمكاني، وأضاف المتحدث أن المادة التاريخية الموجودة في الكتاب قد تساعد الباحثين على فتح سيرة مالك بن نبي ودراسة أعماله ومساره كمفكر عانى من الفرز الاديولوجي.