حذر الأستاذ الجامعي والباحث أمين عبد اللّه اليزيدي من جامعة حضر موت باليمن من الأخطار الكبيرة التي تهدّد الثقافات المحلية والأصيلة، موضحا أن طغيان القنوات الفضائية وكثرة متابعتها جعل من الفرد يفقد كل حريته وعاداته وتقاليده في صورة تجعلنا ندق ناقوس الخطر. واستغرب المتحدث أمس في محاضرة ألقاها في الملتقى الدولي الذي نظمته جامعة الدكتور يحيي فارس بالمدية طغيان المضامين السطحية وانتشار الإعلانات التي فرضت على ملاك وسائل تسليم المتلقي والى أصحاب الشركات المتعددة الجنسيات التي باتت تفرض منطقها على مختلف القنوات الفضائية. وأشار في سياق متصل إلى تناقص دور الأسرة والمجتمع والمسجد والمدرسة في التربية والتنشئة الاجتماعية وتسليم أولادنا إلى مختلف القنوات التلفزيونية والفضائيات التي تفعل فيهم ما تشاء، فأصبحت هي المربي والموجه والتي تختار للفرد ما يلبس ويأكل. واتهم بالمقابل الفضائيات برسم واقع افتراضي بعيد كل البعد عن ما يحدث، فالعالم الذي يشهد تدهورا في الحقوق والحريات وانتشار الحروب وتراجع السلام تعوضه الإعلانات الزائفة بضرورة تناول مشروب أو حلويات معينة للوصول إلى الرفاهية في صورة بعيدة كل البعد عن الأهداف التي انشىء من أجلها الإعلام. ودعا القائمين على وسائل الإعلام المحلية والعربية خاصة إلى تفادي السطحية والوصول إلى مضامين ثقافية تحمل عادات وتقاليد المجتمع لإنقاذ هويتنا من الضياع، لأن ما تعمل عليه القنوات الفضائية الأجنبية هو الوصول إلى نمط سلوكي عالمي واحد. وتخوف من أن تعبث البرامج التلفزيونية بفكر المجتمع وأسسه ويفقد بالتالي أسس الاستمرار والاستقرار، فالاعتماد على الصورة والصوت تجعل الفرد لا يعي التحولات الخاصة من حوله وخاصة الرموز الثقافية وتجعله بعيدا عن التأثير في الواقع. وتساءل الأستاذ عن الهدف من مئات البرامج التي يشاهدها الفرد والتي لا تحافظ على هويته ولا تجعله يلحق بركب الحضارة الغربية ومنه أصبحت القنوات الفضائية أو التلفزيون وسيلة لقطع الحاضر عن الماضي ثم ترويج التعجيز عن اللحاق بالحاضر. واقترح لإنقاذ الوضع وتدارك التخلف إلى تشجيع الثقافة عبر الكتاب وإتاحته للجميع للوصول إلى فكر واع وواقعي يجعل من الفرد محصن من الثقافة المستوردة. وأشار الدكتور إبراهيم بن عبد الكريم العيبان من جامعة الشقراء بالمملكة العربية السعودية إلى بروز مخابر في الغرب ترسم الاستراتيجيات والمناهج التي يتم عبرها التغيير والتي لن تجد أحسن من التلفزيون وهو ما عمل عليه الغرب منذ مدة. وقال عبد اللطيف بروبي من جامعة قسنطينة أن حرب المعلومات أصبحت في غاية الخطورة، خاصة على مستوى التأثير فالمضامين الإعلامية ليست بريئة، خاصة وأن الغرب ينتج برامج خاصة لمجتمعاته وأخرى للمتتبعين في الخارج وهو ما يجب أن نتوخى الحذر منه. وبقدر ما اعتبر التلفزيون خطرا في ظل الضعف الذي نعيشه، إلا انه يرى مكمل للمجتمع لأن التطور الذي يسير عليه التلفزيون ممكن جدا أن ينعكس إيجابا على المجتمع.