السكان يتخوفون من الموت تحت الأنقاض أضحت الانهيارات المباغتة التي تشهدها بنايات المدينة القديمة بعاصمة الشرق الجزائري تشكل خطرا يحدق بحياة وأرواح السكان الذين يعيشون سيناريو الانهيارات الخطيرة التي مست عدد من البنايات كانت آخرها انهيار أربع بنايات بحي السويقة على رؤوس أصحابها دون أن تخلف ضحايا، حيث اقتصرت الخسائر على جرح طفلة في الخامسة من العمر وطمر ممتلكات العائلات العشر التي كانت تقطنها. وأكد أصحابها أنهم ورغم إخطار المصالح المعنية بخطورة الوضع كون البنايات التي صنفت سابقا للترميم لم تعد صالحة للسكن خاصة مع التقلبات الجوية التي عاشتها قسنطينة في الآونة الأخيرة، حيث اتسعت رقعة الانهيارات لتمس حي القصبة العتيق، هذا في الوقت الذي وقف فيه المتضررون، مذهولين من انهيار منازلهم وضياع ممتلكاتهم وتشردهم، إذ أكدت نساء الحي أنهن قد بتن دون مأوى يؤمهم لا هم ولا عائلاتهم، في عز البرد القارص، الوضع الذي وصفته بالمزري خصوصا وانه طال انتظارهم لسكنات لا تزال مجرد حبر على ورق وصولات الاستفادة التي تحصلوا عليها منذ أشهر خلال عملية القرعة الخاصة بإعادة الإسكان. وضعية البنايات القديمة بحي السويقة العتيق وحي القصبة عرفت تراجعا ملحوظا في ظل انطلاق عمليات الترميم بهذه المدينة التي تعتبر من معالم قسنطينة التاريخية والحضارية، إلا أن الانهيارات المتتالية حولت المدينة القديمة إلى أشبه مقابر جماعية وأطلال مدينة يعيش سكانها تحت وطأة التهديد والتخوف من الموت تحت الأنقاض مع كل دقيقة يحيونها بهذه البنايات، هؤلاء الذين يتعدى عددهم ال 1000 عائلة. الانهيارات المتتالية لبنايات حي السويقة العتيق أثار حالة غليان واسعة في أوساط المتضررين والتي مست 21 فردا، منهم أفراد 5 عائلات تقطن البناية رقم 37 بالإضافة إلى عائلتين من البناية 33 وثلاث عائلات بالبناية 35، كادت تتحول إلى كارثة حقيقية لولا تدخل أعوان الحماية المدنية الذين سارعوا إلى إخلاء المكان قبل سقوط ما بقي متداعي من الجدران وأجزاء من الأسقف، بعدما ردمت الحجارة المتساقط كل محتويات المنازل الأربعة المتلاصقة التي صنفت مباشرة في الخانة الحمراء، لاحتمال سقوطها كليا في أي ثانية. سكان المدينة القديمة وأمام الفوضى العارمة التي انتشرت في الأحياء التي تعرضت بناياتها للانهيار كادت أن تتصاعد إلى احتجاجات كبيرة، قد تصل حد قطع الطرقات أو الانتحار كما عبر البعض، حيث أكد بعض السكان بان لجنة من ممثلين عنهم قد تنقلت مباشرة إلى ديوان رئيس دائرة قسنطينة، هذا الأخير الذي وعدهم بإيجاد حل سريع في غضون مدة لا تتجاوز 15يوما، ويتعلق الأمر نقلا عنهم، بتحديد تاريخ سدادهم للقسط الأول من مستحقات الاستفادة على أن يتم ضبط تاريخ ترحيلهم تبعا لذلك، وهو الإجراء الذي لن يتحقق على أرض الواقع خاصة بعد مرور فترة أسبوعين، مهددين بالخروج إلى الشارع في حال استمرت السلطات في تهميش مشكل الانهيارات التي تحولت إلى سيناريو يومي خطير يهدد حياتهم. المنكوبون يرفضون مناطق العبور ويكتفون بأطلال السويقة من جهة أخرى تعيش العائلات المنكوبة منذ حادثة الانهيارات في وضعية أقل ما يقال عنها مأساوية وقاسية، حيث اضطروا للمكوث داخل بقايا منازلهم المنهارة بدل التنقل لمناطق العبور التي قالوا عنها أنها غير ملائمة للعيش، خاصة وانه يتواجد بأحد المناطق الخطيرة بالولاية، إذ يقع هذا المركز تحت جسر سيدي راشد وتحديدا بمنطقة «المطاطلة»، أين تنتشر كل مظاهر الجريمة والأفعال المخلة بالحياء فضلا على انه يفتقر لأدنى ضروريات الإقامة التي تليق بإنسان، هذا الأخير الذي كان إسطبلا للحيوانات تابعا للمصالح البلدية في فترات سابقة، أضحى اليوم وبقوة القانون مركزا غير مهيأ لإقامة العائلات التي كانت ضحية الانهيارات المباغتة والاعتداءات الخطيرة من طرف اللصوص والمسبوقين قضائيا سيما مع انتشار أماكن بيع المشروبات الكحولية كما أنها تعتبر منطقة مدمنين درجة أولى. ظاهرة الانهيارات التي تشهدها المدينة القديمة المدرجة ضمن برنامج الترميم وإعادة التهيئة لأقدم مدينة بعاصمة الشرق الجزائري التي كرمها الله بجمال أخاذ يأسر الناظرين، تحولت بفعل التهميش ولامبالاة القائمين عليها إلى مدينة منهارة تئن تحت وطأة الانهيارات التي مست كافة المدينة، ليطرح السؤال كيف سيتم تهيئة وترميم مدينة مآلها الوحيد الانحدار نحو هاوية واد الرمال، ليبقى ملف الترميم لحد اليوم غامضا، رغم أن المسؤولين يؤكدون على انتهاء المرحلة الثانية من الترميم لكن الواقع يقول عكس ذلك. هذه الوضعية المتراجعة للمدينة القديمة التي تعتبر من أهم النقاط المرجعية للولاية وتحتضن منازل تاريخية لأشهر العلماء على غرار دار العلامة ابن باديس، دار الباي وغيرها.