فتحت الندوة العلمية المنظمة بمؤسسة الأرشيف الوطني أمس ملف العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر وأندونيسيا التي مر عليها 50 سنة كاشفة عن جوانب مهمة من تاريخ البلدين اللذان يتقاسمان ماضي مشترك يميزه نضال ضد المستعمر ومساندة لحركات التحرر والقضايا العادلة في مختلف أنحاء المعمورة، ويتقاسمان أيضا الحاضر والتطلع إلى شراكة متوازنة في أكثر من مجال. الندوة التي بادرت بها السفارة الأندونيسية بالجزائر واحتضنتها مؤسسة الأرشيف كسبت قيمتها من خلال المداخلات الثرية المرافعة من أجل شراكة إستراتيجية بين الجزائر وأندونيسيا لا سيما في الجانب الاقتصادي الذي لم يبلغ مستوى تمايز الروابط السياسية. كسبت قيمتها أيضا من خلال تبادل مؤسستي أرشيف البلدين وثائق وصور تعود إلى حقب مضت مشكلة مادة خام للمؤرخين والباحثين في التاريخ للعلاقات الثنائية التي ظلت راسخة على الدوام ولم تتأثر تحت أي طارئ. أكد على هذا عبد المجيد شيخي المدير العام لمؤسسة الأرشيف الوطني ودعمته السيدة جينا مسودة حسني رئيسة الأرشيف الوطني الأندونيسي وعززه أحمد نعام سليم السفير الأندونيسي الذي دعا إلى رؤية متجددة للعلاقات الثنائية تأخذ في الاعتبار متغيرات الظرف ومتطلبات المرحلة مشددا على توظيف القدرات المتوفرة لترسيخ شراكة قوية يلعب فيها الاقتصاد الحلقة المركزية. وعاد ممثل وزارة الخارجية في مداخلته إلى أولى الروابط الثنائية بين الجزائر وأندونيسيا التي تحدت الضغوط واحتضنت الثورة التحريرية في مؤتمر باندونغ الذي كشف للعالم أجمع مدى عدالة القضية الجزائرية وأوصل صوتها إلى أبعد نقطة في الجغرافيا السياسية مخترقا جدار الصمت الاستعماري الفرنسي والمغالطات المروجة بلا توقف منذ الاحتلال البغيض. عن مبادرة تسليم أرشيف أندونيسيا لوثائق وصور عن الأخضر الإبراهيمي ممثل جبهة التحرير الوطني بجاكرتا أثناء الثورة قال شيخي ل «الشعب» أنها خطوة أخرى في توطيد العلاقات الثنائية لا سيما في ميدان الأرشيف. وهو مجال تسعى المؤسستان إلى إبرام اتفاقية في هذا الشأن يرتقب إمضاؤها في شهر ديسمبر القادم بمناسبة انعقاد ندوة الفرع الأسيوي للمجلس الدولي للأرشيف بباندونغ. وحسب شيخي فإن مبادرة أندونيسيا لتسليم وثائق تثري أرصدة الأرشيف الوطني وتسهل عمل الباحثين. وقد تم بذلك الاتفاق مع الأرشيف الأندونيسي إعداد برنامج عمل لما تبقى من العام الجاري والقادم. وهو برنامج هدفه تعزيز الصف في الميدان الدولي كون البلدين الجزائر وأندونيسيا ينتميان إلى المجلس الدولي للأرشيف ومن خلاله يسعى الطرفان لإقناع الدول التي تحوز أرشيفا لا تملكه على ضرورة إعادته لأصحابه.