توقف أمس ضيف «الشعب» «عمر ديارا»، مستشار إبراهيم « رابيكا كايتا» رئيس حزب التجمع من أجل مالي، عند المفاوضات الجارية في عاصمة بوركينافاسو، واغادوغو، بين ممثلين عن الحكومة المالية والمتمردين الطوارق، لإيجاد تسوية بشأن منطقة كيدال التي خرجت قبل أكثر من سنة عن سيطرة باماكو، وأصبحت تحت قبضة الإنفصاليين الذين يصرون على عدم السماح للجيش المالي بدخولها، ويعارضون تسليم سلاحهم ...وقبل الغرض في التطورات التي تستهدفها هذه المفاوضات المصيرية والعراقيل التي تقف حجر عثرة أمام بلوغ إتفاق يرضي الطرفين ويحفظ الوحدة الترابية المالي، عاد ديارا إلى جذور الأزمة، التي تمتد إلى عقود طويلة حيث انفجرت في 22 مارس 2012 إثر الانقلاب العسكري الذي قاده العقيد سانغو، والذي أدخل مالي في حالة فراغ مؤسساتي وانهيار أمني، استغلته الحركة الوطنية لتحرير أزواد لإعلان الإنفصال في الشمال وإقامة دولة لطوارق .... وبعد التدخل العسكري الفرنسي ونجاح عملية «سيرفال» في طرد المجموعات الإهابية من الشمال، بقي على السلطات المالية الإنتقالية أن تباشر مهمة لا تقل أهمية أو خطورة وهي إعادة هذا الشمال إلى السيادة الوطنية تحضيرا للموعد المصيري الذي ينتظره الماليون وهو إجراء الإنتخابات الرئاسية في 28 جويلية القادم . وبعدما تمت استعادة «غاو» و« تمبكتو» وبدأ الوضع والأمن يستقران بهما شيئا فشيئا، مدت السلطات المالية يد الحوار للطوارق قصد إقناعهم بالعدول عن فكرة الإنفصال والإنخراط في العملية السياسية وإشراك المنطقة في الرئاسيات القادمة .... وبدفع من المجموعة الإقتصادية لدول غرب افريقيا (ايكواس) وبوساطة بوركينافاسو انطلقت المفاوضات كما قال «ديارا» قبل أسبوع بين الحكومة المالية وممثلين عن الحركة الوطنية لتحرير أزواد والمجلس الأعلى لوحدة أزواد لكن يبدو كما أضاف ضيف «الشعب» أن المهمة الجارية لإقناع هؤلاء الطوارق بالعودة إلى الحظيرة الوطنية سوف لن تكون سهلة بالنظر إلى تشبثهم بالسلاح ورفضهم عودة الجيش إلى المنطقة، وهذا بحد ذاته يشكل مأزقا حقيقيا لا يمكن حله إلا بطرح المسألة على الشعب، فهو المحول الوحيد لتحديد مصيره ومصير المنطقة ويجب في كل الأحوال عدم المساس بسيادة مالي على كيدال ومعلوم أن المفاوضات مازالت جارية في واغادوغو لتجاوز التعثر الحاصل إلى غاية الآن . وكانت مشاورات مكثفة في باماكو قد أخفقت في إقناع السلطات المالية بتوقيع تسوية قبل بها المتمردون الطوارق تمهيدا للرئاسيات لأن هؤلاء الطوارق يصرون على التمسك بسلاحهم وبتمركز مقاتليهم في الثكنات إلى غاية توقيع إتفاق نهائي مع السلطات المالية الشرعية التي ستنبثق عن الإنتخابات القادمة، كما يشترطون منح الأزواد وضعا خاصا من الإقليم الذي يعتبرونه خاصا بهم كما تتعثر المفاوضات بشأن مسألة مذكرات التوفيق التي أصدرها القضاء المالي ضد قادة في حركة تحرير الأزواد، وتريد الحركة إلغاء هذه المذكرات بينما تصر باماكو على الإبقاء عليها باسم مكافحة الإفلات من العقاب. باماكو كما قال «عمر ديارا» مدت يدها للأزواد، وتريد حلا يضمن في المقام الأول الحفاظ الوحدة الترابية والشعبية لمالي، لكن الشروط التعجيزية التي تضعها الحركة الوطنية لتحرير أزواد والمجلس الأعلى لوحدة أزواد، غير مقبولة، وحتى الممثلين الحكوميين كما أضاف وبالرغم من ضعفهم فإنهم لن يقبلوا بهذه الشروط غير المعقولة، إذ لا يمكن لأي دولة أن تقبل بتفتيت وحدتها، أو وجود جيشين فوق أي منطقة من أراضيها . ويتوقع «ديارا» بأن الأمور ستتضح قريبا مادامت المفاوضات متواصلة والجانبان متفقان مبدئيا على تجاوز خلافاتهما . ويبقى في الأخير الإشارة إلى أن مالي التي مرت بأزمة كبيرة، أدركت بأن الحوار طريق حتمي للحل، وهذا في حد ذاته سيجنب هذه الدولة الكثير من المصاعب ويضعها على السكة الحقيقية لإعادة بناء ركائز الدولة فقط يجب الإنتباه إلى ضرورة الإهتمام بالشمال خاصة من ناحية التنمية، لأن الغبن الذي يعيشه الطوارق في الشمال ألقى بهم في أحضان المتمردين والإرهابيين .