يقيّم نائب رئيس البرلمان المالي، عبد الرحمن سيلا، في هذا الحوار، ندوة التضامن مع الشعب المالي التي عقدت في الجزائر، ويطرح بعض الحلول للخروج من الأزمة. @ «الشعب»: ماهو تقييمكم للندوة الدولية للتضامن مع الشعب المالي، وما مدى مساهمتها في تعميق النقاش حول الأزمة المالية؟ @@ عبد الرحمن سيلا: أعتقد أن الندوة مهمة جدا سواء للمجتمع المالي، أو لمجتمعات دول الساحل جميعها وأثبتت أنها تتقاسم وجهة نظر واحدة ومنسجمة تجاه الأزمة التي يمر بها بلدي، لان جميع الدول تتقاسم التاريخ والمصير المشترك. وأخذت ندوة التضامن مع الشعب المالي، وزنها من وزن الجزائر في الساحل وإفريقيا، وجددت تقاسم وجهة نظرها مع البلدان المجاورة من خلال مجتمعها المدني، ومن خلال المطالب والاقتراحات التي طرحت، عادت الجزائر للعب دور ريادي ومحوري في حل الأزمة، أو بالأحرى عادت إلى دورها الطبيعي. الشيء المهم كذلك، يتمثل في أننا لاحظنا مرة أخرى ثبات الشعب الجزائري على موقفه الداعم لمالي والمنطقة ككل. @ بعد المداخلات والاقتراحات، ماهي المقاربة الناجعة لحل الأزمة برأيكم؟ @@ الأزمة المالية ذات طابع شامل ومتعدد وتمس الجانب الأمني، الاقتصادي، الاجتماعي والسياسي، ويجب أن تأخذ الحلول بعدا جهويا فمن غير الممكن أن تواجه مالي مشكلتها لوحدها، واشدد مرة أخرى، على أن التجربة الأمنية التي مرت بها الجزائر مفيدة جدا لنا وللمنطقة وعلى الجميع الاقتداء بها، وهي تملك واجب المساعدة من خلال دعم المشاريع التنموية، لتذليل نسب الفقر المرتفعة. ودور بلدكم الشقيق هام للغاية على الصعيد السياسي أيضا، نظرا لثقلها على مستوى الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي. وفيما يخص النسيج الاجتماعي الممزق في بلادنا، يمكن تضافر جهود كافة البلدان لإعادة اللحمة ورص صف السكان الموزعين في المناطق الحدودية المجاورة، وعليه فإن مقاربة الحل المحلي أو الجهوي يجب أن تكون شاملة ومواكبة للمشاكل والتحديات المطروحة على الواقع. @ تعرف مالي داخليا مشكلة قيادة وفساد إداري وانقسام المؤسسة العسكرية، كيف ستتعاملون مع الوضعية؟ @@ صحيح، المشاكل التي ذكرتها موجودة في مالي، وهي نتيجة لانحرافات تعود لأكثر من عقدين، وليس وليدة اليوم، وتعالت الأصوات منذ بداية الأزمة لفتح نقاش جوهري صريح بين كافة أطياف الشعب، من خلال جلسات المشاورات الوطنية التي لم تعقد لحد الآن وأجلت لأكثر من مرة، وهو ما منع شعبنا من مناقشة همومه، واعتقد أن أهم شيء يجب أن نقوم به بعد الانتخابات الرئاسية هو تنظيم جلسات التشاور وفتح نقاش شامل لوضع حلول توافقية نهائية. أما المؤسسة العسكرية فهي في حاجة إلى إعادة بناء وتكوين وتدريب تحت إشراف قيادة سياسية قوية يختارها الشعب بكل شفافية وديمقراطية. @ بصفتكم ممثل للشعب ونائب رئيس الجمعية الوطنية (البرلمان) بماذا تفسر غياب الأحزاب السياسية عن المشهد السياسي في مالي؟ @@ علينا الاعتراف أن الأحزاب السياسية لم تكن في الأزمة التي عرفها مالي، وغابت عن المشهد كما قلت، وسبب ذلك في اعتقادي يعود إلى إنقاسمها بين مؤيد لنظام الرئيس السابق أمادو تومانو توري والمطالبين بالتغيير، وانحصر الصراع بينها على هذه النقطة بدل الاهتمام بالأزمة، ويحاول أنصار تومانو توري بناء تكتل لقطع الطريق أمام المرشح الأكبر للفوز بالرئاسة إبراهيم عمر كايتا. @ كيف تقيم ما قدمته منظمة ''الإيكواس'' وفرنسا لمالي، وهل يمكن التعويل على القبعات الزرق في إرساء السلم؟ @@ الجهود التي قامت بها ''الايكواس'' ميزها الطابع الاستعجالي، وطرحت حلولا هشة لم تساعد الشعب المالي، أما بالنسبة لفرنسا فما يهمنا نحن هو أن عملية ''سيرفال'' أوقفت تقدم الجماعات الإرهابية نحوالجنوب، وما يثير الاستغراب حاليا هو كيف نجحت فرنسا في طرد الإرهابيين من مدن الشمال، وعجزت عن إيجاد حل لمدينة كيدال التي تتحصن بها حركة تحرير ازواد ويرفضون دخول الإدارة والجيش إليها، والارجح ان لها مصالح تفوق المصلحة العليا لمالي. أما القبعات الزرق فلسنا متفائلين بنجاح مهمتهم استنادا الى تجاربهم في ليبيريا والكونغو والأمر مرتبط بالاتفاقية التي سيوافق الطرف المالي على إبرامها معهم.