بعد أن شهدت فاتورة استيراد الأدوية ارتفاعا محسوسا، خلال السنتين الماضيتين، حيث لم تصل المليار دولار سنة ,2005 اتخذت الحكومة الشهر الفارط قرارا يقضى إلزامية الإستثمار في مجال الأدوية، بالنسبة للمتعاملين والمخابر الأجنبية التي ترغب في توزيع منتوجاتها في بلادنا. وبهدف المحافظة وترقية المنتوج الوطني من المواد الصيدلانية والأدوية بصفة أخص، ولتخفيض فاتورة إستيراد الدواء التي بلغت قيمها 1 مليار و200 مليون دولار، قررت الحكومة كذلك منع استيراد الادوية التي يتم صنعها محليا، والتي ثبت أنها تكفي لتغطية احتياجات المواطنين في هذا المجال. وفي تقييم أولي للوضع الحالي لصناعة الأدوية في الجزائر قدمه وزير الصناعة وترقية الاستثمار حميد طمار، حيث إلتقى بمهنيي الصناعة الصيدلانية في الجزائر شهر أكتوبر الفارط، ذكر أن الأدوية التي لا تحمل علامة تجارية تمثل 35٪ من حصة السوق المحلي، في حين لا تشكل سوى 24٪ من حيث رقم الأعمال، فيها تمثل على المستوى العالمي 45٪ من المبيعات و35٪ من رقم الأعمال. وتفكر الحكومة، كما ذكر في إنشاء شركات عملاقة لانتاج الدواء، وذلك عن طريق إندماج شركات صناعة الأدوية التي تشكل من مؤسسات صغيرة ومتوسطة مع بعضها البعض لتكوين شركات كبيرة أو الاندماج مع مجمع صيدال (شركة عمومية). ومن أجل تشجيع الأدوية المصنوعة محليا، تم اتخاذ جملة من الإجراءات قصد تحفيز الاستثمار، وذلك بتوفير جميع الظروف الملائمة، وستساهم هذه الإجراءات في تعزيز الرقابة، ووضع حد لنشاط بعض المتعاملين الذين يقومون بتحويل نشاطهم من الإستيراد إلى التجارة، في حين أن القانون يحدد مهلة معينة لممارسة نشاط الإستيراد للتحول بعد ذلك إلى الإنتاج. وفي إطار تطبيق السياسة الجديدة للدواء عمدت السلطات العمومية الى وضع كل الآليات لترقية الصناعة الصيدلانية، والضبط الاقتصادي لسوق الأدوية، وكذا ترقية استعمال الأدوية الجنيسة، كما لجأت لتوسيعه قائمة الأدوية الخاضعة للتسعيرة المرجعية. ومنذ بداية تطبيق هذا القرار الذي صادق عليه مجلس الحكومة قبل أشهر، فإنه تم تسجيل قائمة من الأدوية التي شهدت أسعارها إنخفاضان يتراوح مابين 20٪ و50٪، مع الإشارة إلى أن الحكومة اتخذت سنة 2006 قرارا لاخضاع الأدوية للسعر المرجعي والذي مس 296 تسمية دولية مثلت حوالي 3100 علامة من الأدوية، وكان لهذا تأثير على أسعار الأدوية التي انخفضت. وتضمن العدد 36 من الجريدة الرسمية الصادرة في جويلية 2008 قرارا مؤرخا في 6 مارس، يحدد التسعيرات المرجعية المعتمدة كأساس لتعويض الأدوية وكيفيات تطبيقها حيث تنص المادة الثانية من هذا القرار، على أن تتم أو تعدل قائمة التسعيرات المرجعية للتعويض المطبقة على الأدوية القابلة للتعويض من قبل هيئات الضمان الاجتماعي المنصوص عليها في ذات القرار كل سداسي (6 أشهر) وكلما اقتضت الضرورة لذلك. وتنص المادة الثالثة (3) على أن تعويض الأدوية القابلة للتعويض ذات التنمية الدولية المشتركة والشكل والمقادير المعنية بالتسعيرات المرجعية المذكورة في المادة الأولى والتي تحدد التسعيرات المعتمدة كأساس لتعويض الأدوية من قبل هيئات الضمان الاجتماعي. وتوضح المادة الرابعة من ذات القرار أنه يتم الحصول على التسعيرة المرجعية للتعويض التي يجب أن تبين على القسيمة لتعليب خاص لدواء ذي تسمية دولية مشتركة وشكل ومقادير والذي كان محل تحديد تسعيرة مرجعية للوحدة، بمضاعفة هذه التسعيرة المرجعية للوحدة بعدد الوحدات الموجودة في تعليب المنتوج. وبدأ سريان مفعول هذا القرار جويلية الفارط وذلك حسبما تنص عليه المادة السابعة 7() منه والتي تحدد آجال 3 أشهر ليدخل القرار حيز التنفيذ ابتداءا من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية. والهدف من اعتماد التسعيرة المرجعية في التعويض إلى ضمان تقديم نفس العلاجات للمواطنين بأقل تكلفة، حسبما أكده وزير العمل والضمان الاجتماعي، في لقاء إعلامي بمناسبة الانطلاق في تطبيق القائمة الجديدة للأدوية الخاضعة للسعر المرجعي. قبل وضع التسعيرة المرجعية، كانت نسبة استهلاك الأدوية الجنيسة لا يتجاوز 20٪، غير أنه مع إعتماد التسعيرة المرجعية بينت التقديرات إرتفاعا محسوسا في استعمال الأدوية الجنيسة إلى ما يقارب 30٪. وتركز سياسة تعويض الدواء المنتهجة محليا على ترقية الأدوية الجنيسة، لوضع التسعيرة المرجعية لتعويض الدواء، والتي اعتمدت في الجزائر لأول مرة في أفريل ,2006 حيث مست 116 تسمية دولية مشتركة، أي ما يعادل 1000 علامة تجارية للدواء معنية من 1134 تسمية دولية مشتركة. كما تم خفض سعر الأدوية الأساسية نتيجة منافسة السوق الجزائرية من قبل المنتجين للأدوية وهذا ما أثر مباشرة على إمكانية إستفادة المواطنين من العلاجات بتكلفة أقل، ما سمح بالتحكم في نفقات الضمان الاجتماعي، حيث انخفضت نسبة التطور إلى 6,7 ٪ سنة ,2006 بينما كانت تقدر ب 14٪ سنة .2005 وفيما يتعلق بنفقات الدواء، فقد قررت قيمتها 68,45٪ من مجموع نفقات الصحة للضمان الاجتماعي لسنة ,2007 وفي 2008 إرتفع مؤشر هذه النفقات، حيث قدرت مصاريف تعويض الدواء للتأمينات الاجتماعية للعمال الأجراء أي بزيادة تقدر ب4,26 ٪ مقارنة مع الفصل الأول لسنة ,2007 وما يفوق عن 5,2 مليار دج فيما يخص نفقات الصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية لغير الأجراء، أي بزيادة 25,31٪ مقارنة بالسنة الماضية. وبعد أن دقت وزارة والعمل والضمان الاجتماعي ناقوس الخطر فيما يتعلق بارتفاع نفقات الدواء، تراهن على إعادة بعث الانتاج الوطني للأدوية الأقل سعرا وتكلفة كبدائل عن تلك المستوردة الباهضة، من حيث الثمن وليست لها قيمة اضافية على المستوى الطبي، واعتماد التسعيرة المرجعية تعد بمثابة قفزة نوعية لتطوير المواد الصيدلانية وخاصة الدواء المصنع محليا. ------------------------------------------------------------------------