تتواصل الجهود الأمريكية لمحاولة إقناع شركائها بضرورة التدخل عسكريا ضد دمشق ما من شأنه خلق توتر في العلاقات الدولية وتقويض المحاولات الرامية إلى الحل السلمي لهذه الأزمة التي أدت إلى تسارع التحركات العسكرية في منطقة الصراع المتصاعد التي تتواجد بها سوريا. وقال الرئيس باراك اوباما امس انه واثق من ان الكونغرس سيوافق على تحرك عسكري امريكي في سوريا وان الولاياتالمتحدة لديها خطة اوسع لمساعدة مقاتلي المعارضة على الانتصار . واثناء اجتماع مع زعماء بالكونغرس في البيت الابيض دعا اوباما الى تصويت برلماني عاجل واكد ان خطة الولاياتالمتحدة ستكون محدودة النطاق ولن تكرر حروب امريكا الطويلة في العراق وافغانستان. وقال ما نتصوره شيء محدود، انه شيء متناسب ، سيحد من قدرات الاسد، واضاف »في نفس الوقت لدينا استراتيجية اوسع ستسمح لنا برفع قدرات المعارضة«. وابدى اوباما استعداده لمعالجة بواعث قلق المشرعين بخصوص التصريح باستخدام القوة الذي طلبه البيت الابيض من الكونجرس. وقبل أيام من إنعقاد لقاء مجموعة العشرين المنتظر نهاية الأسبوع الجاري بمدينة سان بيترسبورغ الروسية والتي ستتطرق إلى الملف السوري تهدف موسكو إلى إيجاد توافق دولي حول الحل السياسي الذي تدعو إليه العديد من الدول وفي مقدمتها روسيا. وأكدت موسكو أنها ستفعل كل ما بوسعها من أجل الدفاع عن القانون الدولي وميثاق الأممالمتحدة وصلاحيات مجلس الأمن الدولي محذرة من أن أية محاولات رامية إلى شرعنة مخالفات القانون الدولي ستؤدي إلى الفوضى وانهيار الشرعية الدولية. ووصف مبعوث وزير الخارجية الروسي لمنطقة الشرق الأوسط سيرغي فيرشينين امس الموقف الروسي إزاء الأزمة السورية بالحاسم مؤكدا أن استخدام القوة ضد سوريا سينتج عنه نتائج عكسية في حين أيد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مبادرة من البرلمان الروسي تتعلق بإرسال وفد برلماني روسي إلى الكونغرس الأمريكي لبحث هذه الأزمة. كما يفرض الملف السوري نفسه على اجندة إجتماع وزراء خارجية ووزراء دفاع الإتحاد الاوروبي المرتقب بالعاصمة الليتوانية فيلينيوس مطلع الأسوع القادر حيث سيحاول وزير الخارجية الأمريكي جون كيري رفقة الأمين العام لحلف شمال الأطلسي أندرس فوغ راسموسن إقناع شركائه الاوربيين بضرورة التدخل عسكريا في سوريا. وفي غضون هذا التوتر المتصاعد أعلنت وزارة الدفاع الروسية امس أن نظام الإنذارالمبكر الروسي »أرمافير« سجل إطلاق صاروخين باليستيين في منطقة المتوسط إلى الساحل الشرقي للبحر. واعتقد كثيرون بان الصاروخين كان موجهين لضرب سوريا ، لكن وزارة الدفاع الإسرائيلية أكدت بانها من أطلق صواريخ في البحر الأبيض المتوسط في إطار تدريبات عسكرية مشتركة مع امريكا . كيري وهيغل يروجان للعدوان شارك امس، وزير الخارجية الأميركي جون كيري ووزير الدفاع تشاك هيغل في جلسة استماع برلمانية في مجلس الشيوخ الأميركي للدفاع عن القيام بتدخل عسكري في سوريا، حيث ادلى كيري وهيغل بإفادتهما بخصوص إجازة استخدام القوة ضد نظام الأسد،كما شارك في الجلسة أيضا رئيس أركان الجيوش الأميركية الجنرال مارتن ديمبسي. يأتي هذا فيما أكد السيناتور الجمهوري جون ماكين بعد لقائه أوباما على ضرورة الإسراع بمعاقبة الأسد، وقال إن عدم مصادقة الكونغرس على الضربة ستكون كارثة. وقال ماكين بعد اجتماع مع أوباما في البيت الأبيض انه سيكون من الصعب على أوباما المضي قدما في الحرب من دون تفويض الكونغرس. وحذّر من انه إذا رفض الكونغرس قرارا كهذا بعد أن التزم رئيس الولاياتالمتحدة بالتحرك فستكون العواقب كارثية، وفي سياق متصل، شدد ماكين على أن الضربة العسكرية ستتم بالتنسيق مع المعارضة، موضحاً أن الأميركيين يدركون الفارق بين مقاتلي الجيش الحر والجماعات المرتبطة بالقاعدة. هولاند تحت الضغط ذكر محللون أن قرار بريطانيا الحليف الأساسي لواشنطن بعدم المشاركة فى أي اعتداء عسكرى على سوريا بالاضافة إلى نتائج استطلاعات الرأي التى تؤكد معارضة الغالبية العظمى من الرأي العام الغربي لأي عمل عسكري في المنطقة فضلا عن الصرامة الروسية فى التعامل مع الملف جعل أوباما أما م مأزق حقيقي. ونفس المأزق تتواجد فيه فرنسا التي سارعت إلى مساندة الولاياتالمتحدة في قرارها ضد سوريا حيث يتزايد ضغط الرأي العام الفرنسي على الرئيس فرنسوا هولاند بعد دعوة أحزاب المعارضة ونواب من الحزب الإشتراكي الذي ينتمى إليه هولاند إلى عرض هذا القرار للتصويت في البرلمان على غرار ما قامت به بريطانيا و ستقوم به الولاياتالمتحدة في منتصف سبتمبر الجاري. وصرح وزير العلاقات مع البرلمان الان فيدالييس امس ان فرنسوا هولاند لا يستبعد تصويت البرلمانيين الفرنسيين. وينص الدستور الفرنسي على وجوب اطلاع رئيس الجمهورية البرلمان بقراره ارسال القوات الفرنسية للقيام بعمليات في الخارج بعد مهلة اقصاها ثلاثة ايام من بدء التدخل لكنه لا يفرض التصويت على ذلك. هذا وتتزايد قائمة الدول الرافضة للمشاركة في هذه الضربة حيث قال وزير الدفاع البلغارى انغل نايدينوف أن بلاده لن تشارك فى تحالف الراغبين في ضرب سوريا لأن الضربات الجوية هي العملية العسكرية الأكثرإحتمالا وأن بلغاريا ليس لديها القدرة على المشاركة المباشرة فيها. من جهته أعلن رئيس الوزراء الإيطالي إنريكو ليتا أن حكومة بلاده تعلق آمالا كبيرة على قمة مجموعة ال20 التي تلتئم يومي الخميس والجمعة في سان بطرسبورغ الروسية بشأن إمكانية التوصل إلى توافق بين الولاياتالمتحدةوروسيا حيال التعامل مع الأزمة السورية. وقال ليتا إن روما تأمل في التمكن من فعل كل شيء ممكن لإحراز تقدم تجاه الحل السياسي للأزمة السورية. أما رئيس مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) الإيراني علي لاريجاني فأكد امس أن التدخل العسكري الأمريكي في سوريا سيؤدي بالضرورة إلى اتساع نطاق الأزمة معتبرا أن السبيل الوحيد لحلها يتمثل في اتباع الآليات السياسية. وأشار إلى أن المشاكل التي تعاني منها المنطقة تتم عن طريق نشر الفوضى وإثارة الأزمات التي يفتعلها الغرب إلا أنهم لا يستطيعون الحد منها وفي حال شن هجوم عسكري على سوريا فإن المشكلة ستنتقل إلى أماكن أخرى أيضا.