يقول الحق جل وعلا في كتابه العزيز: ﴾يا أيّها الذين آمنوا اذكروا اللّه ذكرا كثيرا﴿، ولكن ما هو الذكر؟ هو الصلة باللّه سبحانه وتعالى وهو قوة القلوب، إذا فارق الذكر القلب يصبح كالقبر، وهو السلاح الذي يقاتل به المؤمن من يقطع عليه طريق الوصول إلى اللّه سبحانه وتعالى وما أكثر من يحاولون قطع الطريق علينا من شياطين الإنس والجن من الدنيا ومغريات هذه الدنيا والنفس الأمارة بالسوء، وما يحصده المؤمن من ذكر اللّه هو أن المولى عز وجل يذكره، يقول تعالى: ﴾فاذكروني أذكركم﴿. ما يشغل العبد المسلم هو كيف يتحقق له ذكر اللّه سبحانه وتعالى عندما يذكر اللّه؟ إنّ هذا المعنى يجب أن يكون أعظم ما يشغل العبد، ونحن نلجأ إلى الذكر عند النوازل ونشعر بالراحة والطمأنينة، ونذكر اللّه سبحانه وتعالى، حيث يزيل هذا الذكر الران الذي يقع على القلب من الذنوب ويداوي جروح القلوب والأرواح. أيضا الذكر جسد عبادتنا لله سبحانه وتعالى جسد العبودية للّه عز وجل، فحين يذكر الإنسان باللسان ثم يترجم هذا الذكر بالجسد بأن يبادر إلى طاعة الله بالركوع بالسجود بالصدقات بعمل الصالحات، فالقلب لما يخشع واللسان يترجم ذلك بالذكر فيسبح ويهلل ويكبر ويحمد اللّه عز وجل، ويأتي الجسد فيطيع فنجد اليد ترتفع فتدعو ربنا إنا ظلمنا أنفسنا فاغفر لنا. ومن الذكر أيضا قراءة القرآن الكريم، قال تعالى: ﴾إنّا نحن نزّلنا الذّكر وإنّا له لحافظون﴿، فكم عين عميت عن الحق وانقشع ظلامها بالذكر، وكم من أُذن صمت عن الحق فاسمعها اللّه سبحانه وتعالى حين أقبل صاحبها على ربه وذكر اللّه سبحانه وتعالى، وكم من لسان استحل اللغو والكلام الفاحش فجاءت الباقيات الصالحات سبحان وبحمده، سبحان اللّه والحمد للّه، ولا إله إلاّ اللّه واللهّ أكبر. فطهرت هذا اللسان ورزقت اللسان البيان، قال تعالى: ﴾والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا اللّه فاستغفروا لذنبوهم ومن يغفر الذنوب إلاّ اللّه﴿. ونقل عن بعضهم: قال الذكر على سبعة أنحاء: ذكر العين بالبكاء وذكر الأذنين بالإصغاء وذكر اللسان بالثناء، وذكر اليدين بالعطاء وذكر البدن بالوفاء وذكر القلب بالخوف والرجاء. وأما ذكر الروح فهو بالتسليم والرضا. يقول اللّه عز وجل: ﴾فاذكروني أذكركم﴿، آية جميلة يستشعر بها المسلم أنه هذا الإنسان بضعفه وحقارته في هذه الحياة في هذا الخلق، في هذا الكون، أنه إذا ذكر الله يذكره رب العزة عز وجل الكيفية في ذكر اللّه عز وجل لا نقطع بها إلاّ أنّ لا شك أنّ ذكر اللّه عز وجل أعلى وأعظم من ذكر العبد للّه. فذكر اللّه عز وجل للعبد هو أعلى صفة ممكن أن يتجلى بها العبد أمام الناس، لقول اللّه عز وجل ﴾ولذكر اللّه أكبر﴿. إذاً ذكر الله للإنسان أكبر بكثير مما يمكن أن يتخيله حتى الإنسان، لكن كيف يكون هذا الذكر؟ للعلماء أقوال في ذلك، يقول فاذكروني بطاعتي أذكركم بمغفرتي، أو إذا ذكرتموني بالطاعة أذكركم بالرحمة أذكركم بالثناء، والمدح في الملأ الأعلى إذا ذكرتموني بالطاعة أذكركم بالثواب والمعونة. وقيل إذا ذكرتموني بالاستغفار أذكركم بالمغفرة، وإذا ذكرتموني بالدعاء أذكركم بالإجابة.