أضيفت ظاهرة الإرهاب، إلى قائمة التحديات المستعصية التي تواجهها إفريقيا حاليا، وباتت تشكل تهديدا جديا لأمن واستقرار كثيرا من الدول، ما استدعى الإسراع في وضع استراتيجيات ناجعة لمكافحتها ووقف تناميها المستمر، ويمثل منع دفع الفدية لتحرير الرهائن، أهم الآليات للتصدي لها، من خلال قطع الموارد المالية ومنع تعزيز قدراتها القتالية. يجمع خبراء الشؤون الأمنية، أن تواجد الجماعات الإرهابية في القارة الأفريقية في طريقه نحو التضاعف والتغلغل أكثر، ويعتبرون العمليات التي تقع في بعض الدول مجرد بداية يراد منها التموقع وكسب مزيدا من النفوذ والسيطرة على السكان والحصول على دعمهم وتعاطفهم باستغلال ظروفهم الحياتية المزرية، ويربطون ذلك بالآفاق المستقبلية المشرقة التي تنتظر دول المنطقة من خلال الاستثمار في الموارد الأولية الغنية بها. ويشددون على أهمية التنسيق العملياتي بين الأفارقة لمواجهة التنظيمات الإرهابية والقضاء عليها، ولا يرون في ذلك أمرا بالغ الصعوبة، لأنها قليلة العدد ولا تبحث سوى عن الهالة الإعلامية والعبث بالأمن والاستقرار، ولا تحتاج المسألة سوى لتقوية الجيوش وتزويدها بالعتاد اللوجيستي الحديث للمراقبة وتبادل المعلومات والتنفيذ على الأرض، دون اللجوء لطلب المساعدة من الدول الغربية. وكانت ظاهرة الإرهاب بعيدة كل البعد عن إفريقيا، قبل أن يصبح الساحل الصحراوي، وجهة مفضلة لها، منذ مطلع الألفية، واستقوت بشكل سريع الى أن تمكنت سنة 2011 من السيطرة على مساحة بحجم فرنسا في شمال مالي، ومن الأسباب الرئيسية التي جعلتها تختار الساحل، هو قدرتها على تحصيل مبالغ مالية طائلة، من أعمال التهريب والإتجار في المخدرات القادمة من أمريكا الجنوبية، لتقوم بعدها باللجوء الى اختطاف الرهائن ومطالبة الحكومات الغربية بدفع الفدية مقابل الإفراج عنهم، وأتاح لها ذلك تعزيز ترسانتها من الأسلحة التي قهرت بها الجيش المالي في أيام معدودة. وهناك أطراف تعتقد أن الإرهاب في الساحل صنيعة مخابرات أجنبية، لإيجاد الثغرة المناسبة للتدخل، وإبقاء الوضع تحت السيطرة الدائمة، لتقاسم ما تنام عليه الرمال من موارد طبيعية هائلة. وأصدر البانتغون الأمريكي تقريرا خلال الأشهر القليلة الماضية يؤكد فيه، أن ما دفع لتحرير الرهائن الغربيين ناهز ال 85 مليون اورو وهو مبلغ يفوق بأضعاف الميزانية السنوية لعديد الدول الإفريقية، ولا تتردد فرنسا واسبانيا في الرضوخ للمطالب، ويظهر بعد تحرير كل رهينة أن المختطفين قبضوا ملايين من الأورو، وهو ما يمثل ضربة في الصميم لجهود مكافحة الإرهاب، ما جعل الجزائر تنادي في مختلف المنابر الدولية لتجريم دفع الفدية وعدم التفاوض مع الإرهاب، وتبني إستراتيجية تنموية لتحسين الظروف المعيشية للسكان والقضاء على تغلل الفكر الإرهابي في أوساط شبابهم. وهناك أطراف تعتقد أن الإرهاب في الساحل صنيعة مخابرات أجنبية، لإيجاد الثغرة المناسبة للتدخل، وإبقاء الوضع تحت السيطرة الدائمة، لتقاسم ما تنام عليه الرمال من موارد طبيعية هائلة. إن أفضل آلية لمكافحة الإرهاب، هي قطع مصادر التمويل، وعدم فتح أي مفاوضات معهم مع استخدام القوة العسكرية التي لا يفهمون غيرها لاستئصالهم وإعادة الأمن والحفاظ على حياة المواطنين.