ما فتئت السلطات العمومية تشدّد على ضرورة إيلاء العناية اللازمة للإستثمار المحلي، لا لشيء سوى لأنّه المدخل لكل "الرغبات" المتوجّهة نحو التحكم في الكثير من التداعيات ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي المندرجة في إطار توسيع دائرة توفير مناصب الشغل لأكبر قدر من طالبي العمل، وكذلك إضفاء الحيوية على كل من يرغب في خلق الثروة، والقيمة المضافة على المستويين البلدي والولائي. ولابد في هذا الإطار، التذكير بالدعوات الصادرة عن الوزير الأول عبد المالك سلال في كل خرجاته الميدانية للوليات ، مؤكدا فيها على فتح المبادرة الإستثمارية والأكثر من هذا تسهيل كل حاملي المشاريع في هذا المجال وهي رسالة واضحة موجّهة للإدارة. وحتى الآن، فإنّ السلطات المحلية لم تندمج في هذه المسار الجديد الذي رسمته الحكومة بالرغم من وجود تعليمات واضحة وصارمة تخص كيفية التعامل مع طلبات الاستثمار، إلاّ أنّ الرد على انشغالات هؤلاء يصنّف دائما في خانة "الرفض"، وهناك عيّنات مذهلة في الولايات لعدد الملفات التي لم تحظ بالعناية المأمولة، بالرغم من إرادة أصحابها في مسايرة خطاب السلطات العمومية المركّز على ولوج عالم الإستثمار، رغبة منها في إدخال حركية على الفعل الإقتصادي والإجتماعي بالولايات، والتي بدورها تؤدي إلى امتصاص كل أشكال البطالة المتفشية في أوساط الشباب خاصة. وفي نفس السياق، فإنّ وزارة الداخلية والجماعات المحلية حريصة كل الحرص على أن تسارع ما يعرف بلجان الإستثمار المحلية "كالبيراف" في تغيير طرف عملها وتقييمها للملفات المودعة لديها، وهذا من خلال التحلي بثقافة جديدة، ألا وهي الإنفتاح على الآخر، وعدم الإنطلاق من الأحكام المسبقة والخلفيات على أنّ هذا "الشخص" يريد الربح. هذه ذهنية لا تصلح اليوم خاصة مع الرؤية الجديدة للجهاز التنفيذي، هناك قاسم مشترك بين الجميع ألا وهو القانون، بالإضافة إلى التعليمات المرسلة إلى السلطات المحلية، وكذلك دفاتر الشروط التي تفصل في كل ما ورد في الملف. والمفاجأة تزداد استغرابا عندما يلاحظ أنّه في ولاية من الولايات لم تعط الموافقة إلا لمئات من الملفات بالرغم من إيداع أكثر من 6 آلاف ملف، كل ما تبقى هو "قيد الدراسة" دون ذكر الأسباب، أما المرفوضة فحدّث ولا حرج. لذلك فإنّه يستحيل مواصلة العمل وفق هذه العقلية التي ترفض التكيّف مع الحيوية الجديدة للحكومة الراغبة حقّا في الإنتقال بالنشاط الإقتصادي والإجتماعي المحلي إلى آفاق واعدة، وهذا بالتخلص من كل تراكمات الماضي التي أثّرت أو بالأحرى عطّلت التنمية بكل أبعادها في الكثير من البلديات، نظرا كل هذا التقوقع للإدارة. وفي المقابل فإنّ رسائل وزارة الداخلية والجماعات المحلية واضحة في هذا الشأن، وهذا عندما أشارت إلى وجود حوالي 50 وثيقة غير ضرورية في تشكيل الملفات، كانت عبارة عن اجتهادات لدوائر مختلفة، هذا ما ينطبق على مجال الإستثمار الذي قد تغيّر وجهة مفهومه في المستقبل بمراعاة عامل الوقت خاصة وسلوكات أخرى.