كانت الجامعة الإفريقية «أحمد دراية» بأدرار، على مدار يومين فضاء رحبا، احتضن فعاليات الملتقى الدولي «المخطوطات الجزائرية في غرب إفريقيا الواقع والأفاق»، حيث تدارس مختصون وخبراء وأساتذة جامعيون أهمية المخطوط والسبل الكفيلة بتحقيقه العلمي، فضلا عن جهود الباحثين في جرده وإحصاءه وفهرسته، إضافة إلى إبراز العلاقة بين المدن الإفريقية والمخطوطات الجزائرية، من خلال وضعها وتعدادها وطبيعة هذه المخطوطات وأوضاع حفظها وصيانتها بالمدن الإفريقية. اعتبر مدير مخبر المخطوطات الجزائرية في غرب إفريقيا الدكتور «أحمد جعفري» خلال كلمة له بالمناسبة، أن المخطوطات العربية هي من أقدم الآثار الفكرية والإنسانية التي وصلتنا سالمة في هذا العصر، مشيرا إلى أنها فاقت بعددها وتنوعها أي ترث فكري عالمي آخر، حيث استطاع القليل من هذا الإرث أن يفلت من قبضة الزمن. وأبرز المتحدث أن الجزائر تزخر بآلاف المخطوطات المتناثرة بداخل الجزائر وخارجها، وخاصة في مدن الغرب الإفريقي وعواصمه التاريخية بحكم العلاقات التاريخية بين هذه الحواضر، وبين الحواضر الثقافية للجزائر على مرّ التاريخ. في غضون ذلك شهدت الجلسة الأولى من الملتقى الدولي تكريم الشيخ الأستاذ «إبراهيم بن محمد طلاي» شيخ المحققين الجزائريين في مجال المخطوطات، حيث ولد الشيخ سنة 1929 ميلادية بوادي ميزاب ببلدة بني يزقن ولاية غرداية، وأخذ معارفه الأولى وحفظ القرآن وتفقه على يد الفقيه الشيخ إبراهيم بكير حفار تلميذ قطب الأئمة الشيخ اطفيش. انتقل إلى تونس قصد الاستزادة من المعرفة، فانتسب إلى جامع الزيتونة بالجمهورية التونسية وتحصل على العالمية (ليسانس) في الأدب وعلوم اللغة سنة 1959، عاد إلى الجزائر بعد استقلالها فاشتغل في التدريس والتربية لفترة بعدة مدن جزائرية، ثم عين موجها تربويا للتعليم الثانوي (مفتش) مادة الأدب العربي، انتدب للمشاركة في المجلس الإسلامي الأعلى سنة 1980 وكان عضوا في لجنة إحياء التراث بالمجلس، وعلى مدى 40 عاما حقق في أبحاث ومؤلفات مختلفة، وجاء تكريمه لسيرته الذاتية وجهوده المبذولة في خدمة التراث حسب مدير المخبر، كما أهدى الشيخ لأدرار وللجامعة عديد النسخ التي قام بتحقيقها. وفي هذا الصدد قال الشيخ إبراهيم بن محمد بن طلاي «الملتقى مناسبة لدراسة التراث وغربلته وتحليله، وهو سعي منكم للجمع بين العصرنة والأصالة». من جهة أخرى، تضمن الملتقى 06 جلسات تحتوي على 32 مداخلة تصب حول التراث المخطوط لعلماء الجزائر في غرب إفريقيا والآليات القانونية لحماية المخطوطات وخزانتها في القانون الجزائري، ودور الرقمنة في حفظ واسترجاع المخطوطات الجزائرية، والمخطوطات الجزائرية بمنطقة الازواد شمال مالي، بالإضافة إلى جهود المكتبة الوطنية الجزائرية في حماية وترميم المخطوطات، فضلا عن دور الحركة الجمعوية في الحفاظ على التراث الوطني المخطوط. للإشارة «المخطوطات الجزائرية في غرب إفريقيا الواقع والأفاق»، من تنظيم مخبر المخطوطات الجزائرية في غرب إفريقيا، بالتعاون مع مديرية الثقافة لولاية أدرار، شارك فيه أزيد من 10 جامعات جزائرية، بالإضافة إلى باحثين من خارج الوطن.