لا يزال مستوى الصادرات خارج المحروقات اقل بكثير من التطلعات، ولا تستجيب حصيلته للأهداف التي سطرتها الدولة بالتشاور مع المتعاملين الاقتصاديين من خلال إطار الثلاثية التي خصصت دورتها الأخيرة في أكتوبر الماضي للمؤسسة الاقتصادية من حيث الإمكانيات وما ينتظر منها في بعث وتيرة التنمية والاستثمار. ويمثل التصدير الذي تمكنت بعض المؤسسات من التعامل معه ولو بحجم ضئيل، أفضل ضمانة لديمومة المؤسسة وأحد المصادر الثمينة لتحقيق الثروة وتقوية دعائم الأمن الغذائي. ولذلك لم يكن غريبا أن يحظى بالأولوية في كافة التظاهرات والمنابر الاقتصادية مشكلا قناعة يتقاسمها كافة الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين في ظل تقلبات الأسواق البترولية، وتلويح مؤشراتها بان ساعة الحقيقة الاقتصادية للدول ذات التبعية المطلقة للمحروقات قد دقت، ومن ثمة فان الرهان المفرط على موارد المحروقات رهان مكلف في المديين المتوسط والبعيد، خاصة مع ابتكار مصادر جديدة للطاقة غير التقليدية. ومن أجل بلوغ الهدف الاستراتيجي لإرساء اقتصاد بديل للمحروقات من خلال بعث وتيرة عجلة الصادرات الأخرى من بضائع وسلع وخدمات، وأيضا خبرات علمية وابتكارات تكنولوجية، تدعمت الساحة الاقتصادية بمنظومة متكاملة من الأدوات والآليات التشريعية والتنظيمية ترافقها تحفيزات جبائية ومزايا جمركية، تصب جميعها في المسار الذي يقود إلى الأسواق الخارجية. غير انه حتى يكتمل المسعى، تم إطلاق بمبادرة من الوكالة الوطنية لترقية التجارة الخارجية "الجيكس"، برنامج للتكوين في مهن التصدير والشروع في بناء بوابة افتراضية تحت تصرف المصدرين والمهتمين ونشر ثقافة التأمينات وضمانات التصدير. ومن الطبيعي أن مثل هذا الانخراط القوي للمؤسسات العمومية في خدمة فعل التصدير للخارج، إلى جانب التسهيلات المالية والرواق الأخضر للمصدرين على مستوى الموانئ والمطارات، يسمح للمؤسسة الاقتصادية الجزائرية بالاهتمام بهذا الجانب والتركيز على مغازلة الأسواق الخارجية والاحتكاك بالمتعاملين فيها، بدرجة تتجاوز بكثير مجرد المشاركة في التظاهرات الاقتصادية العالمية أو المشاركة في منتديات النقاش. فالمرحلة للمبادرة العلمية التي تنطلق من أرضية الإنتاج الوطني نفسه على أساس الحرص على التأهيل والتحكم في العملية الإنتاجية ودراسة جدوى الأسواق والسيطرة على عناصر التكلفة لربح جانب الأسعار الذي يحسم معركة المنافسة.