لا يزال رحيل الفنان محمد هواجي المدعو «شرشالي» منتصف الأسبوع المنصرم يشكل حدث الساعة بمدينة شرشال الأثرية لا لشيئ إلا لكونه أقام ركائز صلبة ومتينة للفن الشعبي بالمدينة وألّف كما هائلا من الكلمات والألحان الرفيعة غناها خيرة مطربي الفن الشعبي ببلادنا حسب عدة روايات حية استقيناها من مدينة شرشال هذه شهادات أخذتها «الشعب» من مدينة الفنان. توفي الفنان عن عمر 65 عاما بمستشفى سيدي غيلاس غرب شرشال، رحل الفقيد في صمت رهيب تاركا وراءه فراغا يصعب استدراكه بشهادة أقرب مقربيه وفريق من الفنانين الذين عايشوه عن قرب باعتباره أبا روحيا بلا منازع وأستاذا بارزا للفن الشعبي بمدينة شرشال، وقد عرف بتواضعه الشديد وحبّه لنسمات البحر طيلة فترة حياته، وربما يرتبط ذلك بمرحلة سابقة من حياته حين كان صغيرا وكان يعمل فيها بحارا غير انه لم يكن ثريا ولم يكن ذا مال وفير باتفاق جميع من عرفوه عن قرب ومن بينهم الفنان «ولد يحي يوسف» المدعو هو الآخر «يوسف الشرشالي» والذي ادى للمرحوم عدة أغاني شعبية من بينها أغنية «السعد يا السعد» التي اكتسحت الساحة الفنية حينذاك اضافة الى اغنية «سيدي براهيم الغبريني» التي لا تزال يرددها العديد من سكان شرشال الى الآن ، كما كتب المرحوم «محمد شرشالي» كلمات عدة اغان اخرى ولحنها لكبار المطربين ك»رضا دوماز ومراد الجعفري وكريم ديدين وأمير عيسو» وغيرهم كثيرون بقدر ما كان ملحنا قديرا يتقن قواعد الموسيقى الشعبية بقدر كبير وترك بصمته واضحة في عدة أعمال فنية كتلك التي شهدتها أغنية «العين الزرقاء» لرضا دوماز وحسب شهادة صديقه المميز في عالم التلحين «محمد بولفعة» فإن الفقيد يكون قد كتب و لحّن ما يقارب 200 أغنية في فن الشعبي والخلوي وعزز بذلك مكتبة الفن الشعبي برصيد فني مميز ليس من السهل تحصيله . ويؤكد كثير من الذين عايشوه عن قرب كيوسف شرشالي ومحمد بولفعة وأمير عيسو وغيرهم على أنّه كان ذواقا للفن ومحبا وفيا له وكان مثابرا على حضور ملتقيات الفن الأندلسي بكل من تيبازة وشرشال طيلة السنوات الأخيرة باعتباره كان صديقا وفيا للفنانين وسندا داعما للفن الشعبي والأندلسي فيستأنس به الفنانون ويقتدي به أخرون ، هكذا كانت حياته وهكذا شهد له أقرباؤه ومحبوه الى أن رحل الى الدار الآخرة ، ولكن أعماله ستبقى خالدة في أذهان الأجيال ما دام الفنان خدم الفن بصدق وأمانة بعيدا عن فلسفة الثراء وكسب المال الوفير.