حمل مخطط عمل الحكومة الذي يواصل نواب المجلس الشعبي مناقشته إلى غاية غد (الأربعاء)، المسعى الذي تعتزم الحكومة انتهاجه على مدى الأربعة أشهر المقبلة والقائم أساسا على استكمال برنامج رئيس الجمهورية، وإلى جانب هذا المحور الجوهري، تصدرت رئاسيات (2009) الشق السياسي، نظرا للأهمية التي تكتسيها في ظل الظروف الراهنة وفي مقدمتها الأزمة المالية العالمية التي تعد رهانا حقيقيا للمرشح الذي ستفرزه الاستحقاقات. التزمت حكومة الوزير الأول أحمد أويحيى، بتوفير الشروط التنظيمية للانتخابات الرئاسية القادمة ''في ظل احترام الديمقراطية التعددية وضمن شروط الشفافية الكفيلة بضمان الاختيار الحر للشعب السيد''، ومبدئيا أعلن ذات المسؤول عن تجنيد 600 ألف عون للتحضيرات الخاصة بهذا الموعد السياسي الهام. واستنادا إلى وثيقة المخطط، فإن الحكومة ستعتمد أساسا على قانون الانتخابات الذي أثبت فعاليته بالاضافة إلى الاعتمادات المرصود في ميزانية (2009) المصوّت عليها وتقاليد في تنظيم الانتخابات وكفاءة الإطارات والأعوان الذين يجندون في كل اقتراع بالاضافة إلى قوات الجمهورية للأمن. وعلاوة على الجانب الأمني والانتخابات الرئاسية، فقد أخذ المخطط الذي أقرّ استكمال المشاريع بنفس الوتيرة بعين الإعتبار، الظرف الاقتصادي الوطني الذي يطبعه نموا معتبرا وإطار مستقر للاقتصاد الكلي، وفي ظرف عالمي يطبعه تأزم في النظام المالي الذي من شأنه التأثير على الجزائر من حيث مستوى الإيرادات الخارجية المتأتية من صادرات المحروقات التي يشهد سعرها تراجعا مستمرا، الأمر الذي جعل الحكومة- تتوخى الحذر وتشكل لجنة لمتابعة الوضع في شهر أكتوبر الماضي. لكن إلتزام الحكومة بالحذر، لم يمنعها من اتخاذ قرار استكمال إنجاز البرنامج الخماسي للتنمية بشكل مكثف ولعل ما ساعد على ذلك الإجراءات الحكيمة المتخذة من طرف رئيس الجمهورية خلال السنوات الأخيرة رغم الوفرة المالية، وفي هذا الشأن لم يتوان أويحيى في معاتبة النواب الذين كانوا في كل مرة يعيبون على الحكومة إعداد قوانين المالية على أساس 19 دولارا للبرميل في وقت وصل فيه سعر هذا الأخير إلى حدود 80 دولارا وأكثر، كما انتقد أيضا أولئك الذي ثاروا لتوقيف عملية فتح رؤوس أموال البنوك وعزوف الدولة، بفضل قرار شجاع اتخذه رئيس الجمهورية، عن إيداع أموالها في صناديق سيادية وعن استغلال أموال احتياطي الصرف التي كانت تقدر ب4,4 مليار دولار في 1999 وتضاهي حاليا 138 مليار دولار. وفيما يخص البرنامج الخماسي للتنمية الذي أكدت الحكومة ضرورة استكماله، فإنه ينصبّ أساسا على استكمال ترسيخ الحكم الراشد في إطار دولة الحق والقانون واتمام الإصلاحات الضرورية لبناء اقتصاد سوق منتج وتنافسي والاستجابة لتطلعات الأمة في مجال التنمية البشرية وتعزيز المنشآت القاعدية والإلتزام بترقية الاستثمار المحلي المنتج والمتنوع بمساهمة المتعاملين الوطنيين ومشاركة المستثمرين الأجانب. وقد خصص مخطط الحكومة فصلا كاملا لتعزيز دولة القانون وتحسين الحكم الراشد من خلال إصلاح العدالة وإيلاء مزيد من الأهمية للجماعات المحلية وحفظ النظام العام ومكافحة الإجرام وضمان الطمأنينة للمواطنين وتعزيز مراقبة وضبط التجارة وإصلاح هياكل الدولة ومواصلة تحديث الإدارة المالية والجمركية والمصرفية وإدارة أملاك الدولة واستمرار الحكومة في تأطير سوق العمل ومكافحة النشاطات غير الرسمية. كما أولى عناية خاصة لمواصلة التنمية الاقتصادية وترقية التشغيل، ففيما يخص الشق الأول، فقد سجل استقرار الإطار الاقتصادي الكلي منذ مطلع العشرية، إذ ظل التضخم مستقرا في حدود 5,3 بالمائة، ويتوقع أن يقدر ب 4 بالمائة في السنة الجارية بفعل التضخم المستورد، ورغم تراجع الحجم الإجمالي منذ سنتين بسبب الجفاف الذي أثر على قطاع الفلاحة وحوادث وقعت على مستوى معالجة الغاز، إلا أن نسبة النموّ خارج قطاع المحروقات شهدت تحسنا إذ انتقلت من 5,4 بالمائة قبل 3 أعوام إلى 6 بالمائة في ,2008 بالاضافة إلى النتائج الإيجابية التي أفرزها اعتماد سياسة التشغيل وترقيته والتي ساعدت على امتصاص نسبة معتبرة من البطالة التي انخفضت إلى حدود 30,11 بالمائة واستنادا إلى الإحصائيات الواردة في المخطط، فإنه تم استحداث أزيد من 1,3 مليون منصب شغل في الفترة الممتدة بين 2004 .2007 وتعتزم الحكومة مواصلة التنمية البشرية بعد النتائج المحققة في مختلف القطاعات لاسيما في التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي وقطاع الصحة والضمان الاجتماعي والاهتمام بالجالية الوطنية بالخارج والتكفل بالأسرة والطفل وإنعاش قطاع الثقافة. للإشارة، فإن المخطط لم يهمل مساهمة الجزائر في تنفيذ السياسة الخارجية للبلاد وتطوير التعاون الدولي القائم على ديمومة التضامن والانتماء والتمسك بالسلم وحسن الجوار والتعاون بالاضافة إلى سهر الحكومة على تنفيذ قرارات وتعليمات رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة للجمهورية، فيما يخص تطوير الجيش الشعبي الوطني وضمان احترافيته. ------------------------------------------------------------------------