تلقت الحكومة الضوء الأخضر من نواب المجلس الشعبي الوطني لمواصلة تنفيذ ماتبقى من برنامج رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة الذي سترى العديد من مشاريعه النور في 2009، مع التحضير لبعث برنامج خماسي جديد لاستكمال جهود التنمية الوطنية والمقرر أن يرصد له غلاف مالي معتبر يضاهي ال150 مليار دولار. فالمصادقة على مخطط عمل الحكومة من قبل الغرفة السفلى للبرلمان تعني تزويد الجهاز التنفيذي بالآليات القانونية الضرورية لتنفيذ هذا المخطط الذي لم يكتف بعرض الحصيلة الإيجابية التي حققتها الجزائر خلال عشرية كاملة من تطبيق برنامج الرئيس، ولا سيما في إطار ورشات الإصلاح والتقويم وبرامج دعم النمو الإقتصادي والإجتماعي التي أعادت للجزائر استقرارها وحيويتها وعززت مكانتها بين الدول، وإنما سطر المخطط أيضا معالم السياسة التنموية التي تعتزم الحكومة اعتمادها لمواصلة مسيرة الإنجازات ودعمها بآليات جديدة من شأنها معالجة مواطن العجز وتدارك الأخطاء المرتكبة في التجارب السابقة ومن ثم تسريع وتيرة استكمال الورشات المفتوحة وتهيئة الظروف والأرضية لمباشرة برنامج تنموي جديد يمتد إلى غضون سنة 2014 . وحدد مخطط عمل الحكومة الذي سيتم عرضه بعد غد على مجلس الأمة لمناقشته والمصادقة عليه، العمليات المستقبلية التي تشكل أولوية عمل الحكومة في الأشهر القليلة القادمة، والرامية بالأساس إلى إنهاء عدة مشاريع يجري استكمالها حاليا لتسليمها في آجالها المحددة، ويندرج ضمن هذه العمليات توزيع 150 ألف سكن على المستفيدين قبل شهر مارس المقبل وربط 23 ألف بيت ريفي بشبكة الكهرباء و180 ألف بيت ريفي بشبكة الغاز وربط 320 مجمعا سكنيا بشبكة توزيع مياه الشرب، واستفادة 100 مجمع سكني من شبكات التطهير وانطلاق نشاط 12 مؤسسة نقل حضري عبر الوطن، علاوة على تسليم الطريق الإجتنابي الثاني للعاصمة في نفس الفترة وتسليم 80 بالمائة من مشروع الطريق السيار شرق - غرب قبل نهاية سنة 2009 . كما ستعمل الحكومة على مضاعفة جهودها خلال الثلاثي الأول لسنة 2009 من اجل إنهاء العمليات المدرجة في إطار ترقية قطاعات التربية والتعليم والتكوين المهني والصحة والنقل، والمتضمنة أساسا تسليم 120 ثانوية و305 متوسطات و320 مدرسة ابتدائية و644 مطعما مدرسيا و105 ألاف مقعد بيداغوجي و8 ألاف سرير جامعي و7 مستشفيات و100 مجمع سكني و150 ألف سكن و112 مؤسسة للنقل الحضري، مع دعم وتيرة استكمال العمليات الكبرى التي سيتم إنهاؤها في السنوات القليلة القادمة. من جانب آخر؛ فإن تزكية نواب المجلس الشعبي الوطني لمخطط عمل الحكومة يعد تجديدا للثقة في برنامج الرئيس بوتفليقة الذي حقق أهدافه في العديد من محاوره ولاسيما فيما يتعلق بإعادة الاستقرار والأمن والسلم لربوع الوطن بفضل سياسة المصالحة الوطنية الحكيمة التي ستعمل الحكومة ضمن مخططها على تعزيزها وتعميقها، لاسيما من خلال تسريع وتيرة تسوية الملفات المتأخرة للمستفيدين من تدابير الميثاق، كما أبرزت تداعيات الأزمة العالمية صواب السياسة المعتمدة من قبل رئيس الجمهورية والتي كفلت للاقتصاد الجزائري الحماية اللازمة من الآثار الوخيمية لتلك الأزمة، وهنا تبرز دلائل احتواء مخطط الحكومة للحصيلة الإيجابية المدعمة بالأرقام، المترجمة لتطور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في ظل التراجع المسجل والمرتقب في الواقع المعيش للعديد من دول العالم بفعل الانعكاسات السلبية للازمة العالمية. وقد ترجمت المصادقة بالأغلبية على مخطط الحكومة من قبل ممثلي الشعب أيضا، التوافق الحاصل بين الهيئتين التشريعية والتنفيدية فيما يخص الإجراءات الواجب إتباعها من اجل إضفاء المزيد من الحماية على الاقتصاد الجزائري الذي لايزال رهينة اقتصاد المحروقات، والمدعو الآن إلى تنويع قطاعاته ودعم فرص الاستثمار في ميادين متنوعة، حتى يضمن للبلاد آفاقا واسعة واقتصادا بديلا قويا ومتنوعا. وضمن هذا المنظور يندرج مسعى دعم الإجراءات التحفيزية التي استفاد منها قطاع الفلاحة من خلال الملف الذي سيعرض خلال الندوة الوطنية للفلاحة المرتقب تنظيمها في الأسابيع الأولى من السنة المقبلة. من جانب آخر؛ فإن حصول الحكومة على الضوء الأخضر من قبل نواب المجلس الشعبي الوطني، للمضي قدما في مواصلة عمليات دفع الإصلاحات الوطنية وبرامج التنمية الوطنية، تمهد الطريق للتحضير لمخطط خماسي جديد يمتد بين 2010 و2014 وتتراوح ميزانيته حسب الوزير الأول السيد احمد أويحيى مابين 100 و150 مليار دولار. وبخلاف الدعم البرلماني الذي حظيت به عمليات استكمال الإصلاحات ودفع عجلة التنمية الوطنية في شقيها الاقتصادي والاجتماعي، فقد شملت تزكية الهيئة التشريعية لمخطط عمل الحكومة دعم العمل الدبلوماسي للحكومة، الموجه بالأساس إلى المساهمة في تنفيذ السياسة الخارجية للبلاد وتطوير التعاون الدولي، حيث ستسهر في هذا الإطار على تجسيد السياسة الخارجية التي حددها رئيس الجمهورية والقائمة على ديمومة التضامن والتمسك بالسلم وحسن الجوار والتعاون، مع العمل على تحضير مشاركة الجزائر ومساهمتها في الاجتماعات المتعددة الأطراف للمنظمات التي تعد الجزائر عضوا فيها وكذا في أشغال الهيئات التي تعتبر شريكا فيها، بما في ذلك استكمال انضمام الجزائر إلى المنطقة العربية للتبادل الحر ومواصلة المفاوضات من اجل انضمام الجزائر للمنظمة العالمية للتجارة والمساعي الرامية إلى جلب الاستثمارات الأجنبية. وتطبيقا للفصل الأخير لمخطط عملها، ستستمر الحكومة في السهر على تنفيذ قرارات وتعليمات رئيس الجمهورية فيما يخص تطوير الجيش الوطني الشعبي وضمان احترافيته.