توج الملتقى الدولي للخدمة العمومية بالإذاعة والتلفزيون، بالتأكيد على ضرورة مواكبة التطورات الحاصلة في المجتمع لتقديم رسالة إعلامية نزيهة وذات مصداقية، واعتبر المشاركون في اليوم الأخير أن التجربة الجزائرية في المجال موفقة وفي حاجة إلى المزيد من العمل لرفع النوعية والأداء المهني. اعتبر المدير العام للتلفزيون الجزائري، توفيق خلادي، أن الخدمة العمومية تنبع من الخصوصيات الاجتماعية والثقافية والتاريخية لكل مجتمع، لكون وسائل الإعلام في جوهرها مرآة عاكسة للمجتمع الذي تعمل به، وقال لدى إشرافه على اختتام الملتقى الذي احتضنته ولاية تيزي وزو على مدار يومين أن الاستقلالية في كل القنوات العمومية بالعالم ليست إطارا قانونا، وإنما حالة أخلاقية وفردية يتمتع بها القطاع العام والخاص على حد السواء. لذلك يقول خلادي "ينبغي الحديث عن النزاهة بدل الموضوعية لأن هذه الأخيرة نسبية وغير مضمونة بشكل تام"، ودعا إلى تكريس المصداقية في العمل الإعلامي وتعزيزها، لأنها تعني تقصي المعلومات والتحري عن صحتها ومضمونها. ولفت المتحدث إلى عدم وجود نموذج جاهز للخدمة العمومية، "فلكل بلد خصوصياته ويطبق ما يراه مناسبا حسب وضعيته، وليس لها وصفة سحرية"، مضيفا" تعرفنا في الملتقى على تجارب دول أوروبية رائدة وذات تقاليد ديمقراطية عريقة، ولكن ما لاحظناه أن كل بلد له تجربته الخاصة مع الخدمة العمومية"، وبشأن علاقة وسائل الإعلام العمومية بالسياسة، أوضح المدير العام للتلفزيون الجزائري، أن الأمر يتعلق بالرفع من الكفاءة والأداء المهني، لأن الوسيلة الإعلامية تعكس الوضع الذي يعيشه المجتمع، وتحدث عن مؤشرات جد ايجابية تدل على انفتاح التلفزة الجزائرية على جميع الشرائح وتعمل على فتح نقاش واسع لمختلف الآراء والقضايا. وأعلن توفيق خلادي عن تنصيب فوج عمل رفقة مدير الإذاعة الوطنية، لصياغة النتائج المستخلصة من الملتقى، وتوزيعها على العمال وفتح نقاش حولها، وكشف في ذات الوقت وجود إستراتيجية خاصة لضمان استمراره في الريادة وتحسين ما يقدمه من برامج. من جهته قال مدير الإذاعة الوطنية، شعبان لوناكل، أن المؤسسة الوطنية للإذاعة والتلفزيون كانت دائم منبرا لكل التطورات التي عرفها المجتمع الجزائري في جميع المجالات دون استثناء، وقال "من خلال الاستماع لتجارب البلدان الأجنبية ذات الديمقراطية العريقة، خرجنا بقناعة أننا نسير في الطريق الصحيح رغم بعض الصعوبات"، مفيدا أن الهدف يتمثل في بناء مؤسسات عمومية قادرة على ضمان مبادئ مرتبطة بحرية التعبير وفتح فضاءات النقاش أمام كل فئات المجتمع. وخصص اليوم الأخير للملتقى، لواقع الخدمة العمومية بالتلفزيون الجزائري والإذاعة الوطنية، اللذان نجحا غداة استقلال البلاد مباشرة، وعرفا استثمارات عديدة سنوات السبعينات، سمحت لهما بتغطية كافة التراب الوطني بما فيها الجنوب الكبير عبر الوسائل التكنولوجية المتاحة في ذلك الوقت، مثلما قال مدير البرمجة بالتلفزة الوطنية، والذي أوضح أن المؤسسة العمومية للإذاعة والتلفزيون عرفت عدة تحولات من الناحية التنظيمية والقانونية على غرار سنة 1992 وانتقالها من الطابع العمومي إلى التجاري الاقتصادي وخضوعها لدفتر أعباء، ورغم الصعوبات التي عرفتها البلاد في تلك الفترة، إلا أنها بقيت وفية وتقدم برامج متنوعة لكل فئات وأصناف المجتمع الجزائري. وقال مصطفى خليفي مدير الموارد البشرية بالتلفزيون الجزائري، أن الخدمة العمومية تمثل مشروع مجتمع وتساهم في تقوية الروابط الاجتماعية، وبدوره اعتبر بدر الدين محمد مساعد المدير العام للإذاعة، أن السماح للمواطنين بالمشاركة والتفاعل مع ما تقدمة الوسيلة الإعلامية أساس الخدمة العمومية. فيما أكد المشاركون في النقاش، انه ينبغي تعزيز الوسائل الإعلامية العمومية لضمان الخدمة العمومية لأنها الوحيدة المستقلة عن سلطة المال وسطوة الأحزاب السياسية، واجمعوا على أن القنوات الخاصة إضافة وتحدي لكنها ملزمة بتقديم خدمة عمومية.