تراهن الجزائر على استرجاع القاعدة الصناعية التي عانت لسنوات طويلة من الضياع، بما ألحق ضررا بالجهاز الإنتاجي والعقار الصناعي تحت ضربات مسار الإصلاحات العنيف الذي أخضعت إليه منذ التسعينيات من القرن الماضي. من توقف الاستثمارات العمومية إلى الخوصصة بعيدا عن الشفافية، تعرض الموروث الصناعي لاستنزاف، قبل أن تسترجع الدولة المبادرة بعد أن ألقت بكل ثقلها في عمليات لاستعادة الركائز الصناعية إلى حضنها، لكن بضوابط ومعايير اقتصادية ترتكز على تنشيط خيار الشراكة المفتوحة على متعاملين احترافيين، محليين وأجانب، لديهم قناعة راسخة بالاستثمار المنتج. وفي هذا الإطار، دعا الخبير الاقتصادي والمالي، أمحمد حميدوش، إلى بعث ملف الاستراتيجية الصناعية باستغلال ما هو موجود، لتكون مرجعا يرتكز عليه مسعى التنمية الصناعية، أو على الأقل رسم خارطة طريق للقطاع توضح المعالم الكبرى للخيارات الاستراتيجية للدولة، مشيرا إلى أهمية إعادة صياغة التنظيم الهيكلي للمنظومة الاقتصادية للرأسمال التجاري للدولة بحيث تكون لديها مرونة في التعامل مع تطورات سوق الاستثمار والتنمية. وأوضح محدثنا أنه لا يمكن استرجاع كافة مكونات القاعدة الصناعية وفي جميع القطاعات ومن ثمة من المفيد استهداف قطاعات حيوية تملك فيها الجزائر عناصر المنافسة والقدرة على التموقع في السوق المحلية والتطلع لأسواق إقليمية من خلال اكتساب إمكانات التصدير خارج المحروقات.وعن دور القطاع الوطني الخاص في تنشيط هذه الديناميكية والقيام بدور فعال في إعادة بناء القاعدة الصناعية الوطنية، من خلال الانخراط في عمليات استثمارية بالشراكة الوطنية، أوضح حميدوش بنبرة حادة، أن القطاع الخاص عامة لا يبدو أنه يهتم بالشراكة كآلية استثمارية ترمي إلى تجسيد مشاريع اقتصادية على المديين المتوسط والبعيد، بقدر ما يهمه الدخول فيها من أجل الاستحواذ على العقار الصناعي الذي يسيل لعاب الكثيرين. وبهذا الخصوص، من المفيد التذكير بالعمليات التي تمت في إطار برنامج خوصصة المؤسسات الاقتصادية العمومية الوطنية والمحلية، قبل سنوات مضت، والتي لم يلتزم أغلب المستفيدين منها بدفتر الشروط الذي ينص على أن المستفيد يسهر على ضمان ديمومة النشاط وعدم تحويل طبيعة العقار، وقد يكشف أي تحقيق دقيق مدى التجاوزات التي حصلت، وإلى أين آل إليه ذلك العقار الثمين؟. وعن الشروط التي تساعد على دفع القاعدة الصناعية، اعتبر الخبير أن هناك جملة من العناصر التي تحقق إجماعا من المختصين، منها تفعيل إجراءات تحسين محيط الأعمال وتطهيره من خلال إدخال إصلاحات ملائمة، وتحصين العقار الصناعي باللجوء إلى آلية الامتياز بدل البيع أو التنازل وحصر هذا الأخير في إطار ضوابط يتضمنها دفتر الشروط، يكون كفيلا بمنع حدوث تجاوزات أو تلاعب، بحيث يكون النشاط المرتبط بالعقار هو الغاية المركزية.