ألقت الدولة بكامل ثقلها باسترجاع جانب معتبر من القاعدة الصناعية بعد أن آلت في مرحلة سابقة لحساب متعاملين أجانب منهم من تقاعس في الالتزام بشروط الشراكة خاصة من حيث تنمية وعصرنة أداوت الإنتاج، في وقت توفر فيه السوق الوطنية فرصا ثمينة تضمن للمؤسسة الاقتصادية التي تتوفر على شروط المنافسة الديمومة والربح. غير أن عودة الدولة بشراء اكبر نسبة من الأسهم تطبيقا للقاعدة الجوهرية للشراكة القائمة على معادلة 49/51 ، لا يعني بالضرورة إعادة تأميم أو عودة للنمط العمومي التقليدي. ولا يعدو الأمر كونه عملية استثمارية قوية ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية ترتكز على معايير اقتصادية واضحة تضع المؤسسة في مواجهة تحديات السوق مما يفرض عليها كسب رهان المنافسة بانتهاج مسارات التنمية من خلال الدفع بوتيرة الاستثمار وتحديث أداوت الإنتاج وتكوين الموارد البشرية، وكذا متابعة وتشخيص حركية الأسواق. وفي هذا الإطار لا يمكن لمركبات مثل الحجار للحديد والصلب والرويبة للصناعة الميكانيكية على سبيل المثال سوى تحقيق الأهداف المسطرة بالهوية الاقتصادية الجديدة المتميزة بالحضور القوي للدولة كصاحبة اكبر حجم من الأسهم وبفضل البرنامج الاستثماري المستفيد من تمويلات ذات دلالات، ينتظر أن تنتج القيمة المضافة التي تعيد وضع المؤسسة الاقتصادية العمومية على سكة النمو لتواصل مسارها في أفق اقتصاد إقليمي وعالمي لا مجال فيه لمن لأي مؤسسة تتخلف عن مواعيد السوق وأبرزها امتلاك المناعة والقدرة على المنافسة. وبالفعل فان المهمة التي تنتظر المؤسسة الاقتصادية الجزائرية التي تخلصت من التصنيفات التقليدية بانتهاء الحديث عن عمومية وخاصة، مهمة تتعلق بمستقبل المنظومة الاقتصادية قاطبة، ولذلك لا مناص من أن ينخرط كافة الأطراف في تجسيد النهضة التي تقودها قاطرة الصناعة باعتبارها "الدينامو" المولد للنمو خاصة وان الإجماع قد تحقق لدى كافة الشركاء بضرورة الانتقال إلى مرحلة إرساء اقتصاد بديل للمحروقات طال انتظاره، والحاجة إليه كخيار استراتيجي أكثر إلحاحا في ضوء تقلبات معطيات الميزان التجاري. وضمن هذا التوجه كان من المفيد التركيز أيضا على تطهير المحيط العام الذي تعيش فيه المؤسسة مسالة حيوية مثل إدماج قطاعات التكوين المهني والمخابر الجامعية وفروع نشاطات صناعة الثقافة كالسمعي البصري الموفرة لفرص عمل عديدة، إلى جانب تنشيط دور البنوك لتتحول إلى شريك في العمليات الاستثمارية بكامل الشفافية والضمانات اللازمة، حتى لا تبقى مجرد خزائن للودائع تستنزفها أعمال فساد ينبغي أن تتضاعف جهود مكافحتها بما يشجع على رد الاعتبار للعمل كقيمة اقتصادية واجتماعية لا يقل أهمية عن رأس المال المادي والعقار الصناعي.