يرتقب أن يتم الكشف عن مضمون الإستراتيجية الصناعية الوطنية قريبا بعد أن يقدم الخبراء خلاصة عمل كلفهم به وزير الصناعة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وترقية الاستثمار من أجل الانتهاء كلية من جدل لم يتوقف بشأن الخيارات الصناعية الكبرى التي يمكن الرهان عليها في النهوض بالاقتصاد وفقا لتصور شامل للتنمية المستدامة. وصرح الوزير شريف رحماني مؤخرا أن مجموعة من الخبراء الاقتصاديين في مختلف القطاعات تنكب منذ مدة على انجاز المهمة ملتزما في نفس الوقت بالكشف عن نتائج العمل الخاصة بمعالم الإستراتيجية الصناعية بعد أن تعرض على الحكومة لمصادقة ومن ثمة المرور إلى انجازها ضمن البرنامج الوطني للتنمية الذي يرتكز على إدماج كافة الموارد المتوفرة في الاستثمار المنتج وجعل الصناعة بالحجمين الصغير والمتوسط القاطرة التي تدفع عجلة النمو. وفي هذا الإطار، وعد رحماني بالوقوف في الوقت اللازم أمام ممثلي وسائل الإعلام لعرض حصيلة قطاع الصناعة من أجل توضيح الرؤية للمتعاملين والمستثمرين المهتمين في الجزائر وخارجها في وقت تطرح فيه فرص لإقامة مشاريع في أكثر من قطاع وهي العملية التي بدأت منذ السنوات الأخيرة من خلال أكثر من برنامج استثماري برأسمال وطني عمومي أو خاص أو بالشراكة مع متعاملين ومستثمرين أجانب بما فيهم من الوطن العربي. وحسب توضيحاته، فإن العمل يهدف للتوصل إلى إصلاح قطاع الصناعة باعتماد خيار الإنتاج من خلال الشراكة وليس بمفهوم إبرام العقود التي تعتبر الساحة مجرد سوق وهو التحدي الذي يجري التعامل معه بالحرص على إرساء اقتصاد بديل للمحروقات وذلك بتنمية البدائل الممكنة مثل الفلاحة التي تدمج في سياسة التصنيع على غرار مشروعي تركيب جرارات “ فيرغيسون" بقسنطينة وإنتاج آلات الحصاد مع الشريك الفنلندي “سامبو" بسيدي بلعباس. وبالفعل تم إنشاء شركة مختلطة وفق قاعدة 51 49" بواد حميمين بولاية قسنطينة بين مؤسستين وطنيتين لصناعة وتوزيع الجرارات والعتاد الفلاحي والمجموعة الأمريكية “اغكو ماسي فيرغيسون" التي يقودها منذ سنة 2004 السيد ريشنهاغن مارتان هينريش الذي ولد بكولون الألماني، وذلك لإنتاج ثلاثة أصناف لجرارات بعرفها الفلاح الجزائري. وقد تم الشروع في الإنتاج بظهور أول جرار بقوة 82 حصان. وكما هو معلن رسميا فإن شهر فيفري القادم يشهد إنتاج محركات “دوتز" لتجهيز الجرارات وهذا ضمن سياسة اندماج سوف تفتح المجال أمام المؤسسات الصناعية الصغيرة والمتوسطة المحلية للفوز بحصص في النسيج الصناعي الجديد الذي يتوزع على امتداد جغرافي يستوعب هذه الديناميكية. هذه الشراكة الملموسة التي تحمل اسم “ألجيريان تراكتورز كومباني" ترتكز على استثمار يقدر ب 35 مليون دولار في أجل 5 سنوات ويبدأ الإنتاج ب 3500 جرار هذه السنة ليصل في أفق السنة الخامسة إلى 5000 وحدة جرار فيما تصل نسبة الاندماج الصناعي 30 بالمائة على الأقل خارج قسم المحركات. وبنفس الثقل يكتسي مشروع الشراكة الجزائرية الفنلندية ممثلة في" سامبو “لإنتاج عتاد وآلات الحصاد بسيدي بلعباس بطاقة ألف وحدة سنويا عوض 500، كل الأهمية الإستراتيجية من حيث النشاط وارتباطه بقدرات البلاد الفلاحية ومن حيث الانتشار الجغرافي لتوفير فرص التنمية لهذه الجهة من البلاد، حيث يجري إرساء وحدات وتأهيل أخرى صناعية حول قطب متكامل يقوده مصنع تركيب السيارات بواد تليلات في وهران. ومن شأن هذا القطب المندمج أن يبعث من جديد الفعل الصناعي خاصة على مستوى الهضاب العليا التي يراهن عليها. وهنا تكون الكرة في مرمى الصناعيين المحليين لمواكبة هذا المسار بإدخال مزيد من الاحترافية في تشغيل الوحدات الصناعية بمختلف إحجامها والتزام المعايير الفنية المعتمدة لضمان تموقع في السوق الاستثمارية. وفي ضوء المؤشرات التي يقدمها المشهد الاستثماري العام يتبين أن الإستراتيجية الصناعية التي عانت طويلا من الانتظار للفصل فيها بدأت تلوح في الأفق من خلال جملة حقائق تؤكد إمساك الدولة بخيوط الملف باتجاه توظيفها بعقلانية وفقا لمسار الشراكة الإنتاجية ضمن المخطط الوطني للتهيئة الإقليمية بحيث يتم إنشاء أقطاب صناعية متخصصة تستند للمنشآت القاعدية الجاهزة مثل الربط بشبكة الطرق والموانئ والسكة الحديدية.