رفض الدكتور محمد لحسن زغيدي، أمس، وصف الجزائر بالبلد الفقير نخبويا مؤكدا من منبر «ضيف الشعب» وقال الدكتور أن البلد الذي يحوز أكثر من 50 جامعة وحوالي 2 مليون طالب وعدد مؤطرين لابأس به موضحا بأن هذا المثقف الجزائري الذي ساهم بقسط وافر في إنجاح الثورة وتأطيرها لا يعجزه بناء الوطن بعد الاستقلال وهذه هي الإشكالية التي يجب الوقوف عندها. وقال زغيدي في ما يتعلق بعلاقة المثقف بالعسكري أثناء الثورة وبعد الاستقلال وانطلاقا مما تضمنه بيان أول نوفمبر في المقطع الآتي «...ونتيح الفرصة لجميع المواطنين الجزائريين من جميع الطبقات الاجتماعية، وجميع الأحزاب والحركات الجزائرية أن تنضم إلى الكفاح التحرري دون أدنى اعتبار آخر، ولكي نبين بوضوح هدفنا فإننا نسطر فيما يلي الخطوط العريضة لبرنامجنا السياسي». إن الثورة الجزائرية لم تقم بعملية فرز وانتقاء للمشاركة فيها لذلك انضم الى صفوفها المثقف وغير المثقف. وعكس إضراب 19 ماي 1956 الخاص بالطلبة والتحاقهم بالجبال منعرجا حاسما في مسار الثورة من خلال تزويدهابإطارات بارزة فضلت الجبال والأحراش والتضحية بالنفس على أن تجلس على مقاعد الدراسة في سابقة تاريخية، وهو ما يعتبر دليلا على دور المثقف عبر كل مراحل تاريخ الجزائر وبالتالي لا يمكن لأحد أن يتهم النخبة والمثقفين بالتخاذل. ومن يشكك في قدرات المثقفين الجزائريين فنقول له بأنهم كانوا من أوائل الشهداء وفي قيادة الثورة وعلى مستوى كل هرم السلطة وبفضل ذلك تم استحداث منصب «المحافظ السياسي» لكي يقوم بعملية الإقناع والتحسيس نتيجة للمعارف والقدرات العلمية الكبيرة التي يتمتع بها وساهم بقسط وافر في حشد معنويات الشعب الجزائري وزرع الأمل، كما حمل المثقفون عبء الدعاية للثورة في المحافل الدبلوماسية والإقليمية وكانوا خير مفاوض مع ممثلي العدو الفرنسي والمتخرجين من كبرى الجامعات آنذاك، ولكن المثقفين الجزائريين وقفوا الند للند . وعليه من خلال إسقاط ما حدث أمس بالثورة على واقع اليوم فالأمور يجب أن تأخذ منحنى ايجابيا خاصة في ظل ما تم توفيره من إمكانيات لبناء وتجسيد أماني الشهداء. الحكومة المؤقتة لم تنل حقها من التاريخ اعترف الدكتور لحسن زغيدي بتقصير المؤرخين في حق الحكومة المؤقتة التي جمعت خيرة المثقفين الجزائريين آنذاك مؤكدا بأن أعضاء الحكومة المؤقتة يتحملون جزءا من هذا الواقع لكونهم لم يكتبوا كثيرا عن حقبتهم والكثير منهم وافه الأجل قبل أن يدون مذكراته. وبالمقابل يبقى العمل الدبلوماسي الخارجي الذي كانت تقوم به الحكومة المؤقتة وبحكم تواجدها في العديد من العواصم العالمية في الأرشيف، علينا أن نبحث في أرشيف تلك الدول لعلنا نجد مادة تاريخية تمكننا من الكتابة والبحث عن أعضاء الحكومة المؤقتة ونقل نضالهم وجهادهم. وأشار د. زغيدي بالمقابل إلى كثرة الاهتمام والتركيز على الجانب العسكري في كتابة التاريخ وهو ما جعل الكثير من جوانب الثورة على غرار الحكومة المؤقتة لا تأخذ حقها من الدراسة.