يبقى بيان الفاتح نوفمبر 1954 من أهم الوثائق التاريخية لثورة التحرير المجيدة التي تحظى باهتمام الباحثين والمؤرخين، لكونه وليد عصارة وطنية ثورية لشعب عانى من احتلال استعماري دام أكثر من قرن وربع قرن من الزمن فوق أرض الجزائر الطاهرة، وهذا حسب شهادة الخبراء والمختصين في الدراسات التاريخية. وقال الأستاذ المحاضر في التاريخ السيّد محمد لحسن زغيدي إن الحديث عن بيان أول نوفمبر 1954، حديث عن روح الثورة في حد ذاتها باعتباره الوثيقة التي أعطت الشرعية للانتقال من النشاط السياسي الى العمل الثوري المسلح، من خلال إنهاء حالة الصراع التي كانت قائمة بين أعضاء الحركة الوطنية. وقدم الدكتور زغيدي قراءة في بيان الفاتح نوفمبر 1954 خلال الطبعة الأولى ل"منتدى الذاكرة" الذي احتضنه "فوروم المجاهد" أمس بمبادرة من جمعية مشعل الشهيد، مشيرا إلى أن الأطراف التي أعدّت البيان اعتمدت أسلوب الاختصار وعدم الإطناب باعتباره موجها للنخبة الوطنية بعد الانقسام الخطير بين المركزيين والمصاليين، وذلك قصد إعادة لمّ شملهم وتوحيد كلمتهم أمام المستعمر. وأوضح الدكتور محمد لحسن زغيدي أن الدراسة التي أعدها حول بيان أول نوفمبر مكنته من استنتاج 13 بعدا من ضمن 662 مفردة وردت فيه. وتتمثل هذه الأبعاد حسب المتحدث في البعد الشعبي، العملي، الديني، النضالي، المغاربي، الديمقراطي، الحضاري، الانساني، السلمي، الانتماء العربي الإسلامي، حق المواطنة، البعد الثقافي، وأخيرا الإعلامي، كون البيان جاء في شكل إعلان صحفي. وفي إجابته عن أسئلة الصحافيين، أكد السيد محمد لحسن زغيدي أن بيان أول نوفمبر اعتمد تأخير إعلان الثورة الى غاية 1954 بسسب الصراع القائم آنذاك بين طرفي حزب الشعب، الأمر الذي أدى الى تأسيس اللجنة الثورية للوحدة والعمل لإنهاء الصراع بين المصاليين والمركزيين. وللاشارة، تم تقديم نبذة تاريخية عن حياة الصحفي والشهيد محمد العيشاوي كاتب بيان أول نوفمبر 1954، إضافة الى عائلة زعموم التي كان لها شرف استنساخ البيان. وقد حضر المنتدى شخصيات تاريخية وأساتذة جامعيون، وطلبة شرطة من المدرسة العليا بشاطوناف، إضافة إلى الكاتب في التاريخ محمد عباس.