لا يزال التوتر يخيم على ليبيا في ظل تطورات أمنية وسياسية متلاحقة، فقد اندلعت، أمس، إشتباكات في مدينة بنغازي شرق البلاد بين قوات تابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر ومسلحين. وأعلن قائد قاعدة بنينا الجوية العسكرية في بنغازي بشرق ليبيا العقيد سعد الورفلي، أن مسلحين شنوا ليل الأحد الى الاثنين قصفاً صاروخياً على القاعدة، من دون أن يسفر هجومهم عن وقوع ضحايا. وجاء هذا الهجوم رداً على غارات جوية شنتها الجمعة طائرات يقودها ضباط في سلاح الجو ضد مواقع عسكرية تابعة لجماعات مسلحة في عاصمة الشرق الليبي. وانضم هؤلاء الضباط إلى قوة يقودها اللواء المتقاعد في الجيش خليفة حفتر الذي شارك في إسقاط نظام العقيد الراحل معمر القذافي في 2011. وفي تطورات أخرى، رفضت الحكومة الليبية والقيادة العسكرية في طرابلس أي عمل عسكري دون تفويض من السلطات الشرعية واصفة العملية العسكرية التي شاركت فيها قوات حكومية ليبية بأنها ترقى إلى إنقلاب ووصفه القائم بأعمال رئيس الوزراء عبد الله الثني بأنه خروج عن الشرعية وصرح للتلفزيون الليبي أن تحركاتهم ضد أوامر الجيش الصادرة عن السلطات الشرعية. من جانبه، وصف قائد الجيش الليبي عبد السلام جاد الله العملية العسكرية بأنها محاولة إنقلاب غير شرعية. ويعكس الهجوم الذي تم دون تفويض من السلطات الرسمية مدى الصعوبة التي تواجهها طرابلس في السيطرة على الأوضاع بمدينة بنغازي التي تشهد إنفلاتا أمنيا من عمليات إغتيال وهجمات وتفجيرات وإختطاف يومية. وشنت قوات حفتر صباح الجمعة، مدعومة بإسناد جوي من طائرات ومروحيات عسكرية، هجوماً على جماعات مسلحة في بنغازي، معقل العديد من الجماعات المجهزة بأسلحة ثقيلة، وأسفرت تلك الاشتباكات عن 79 قتيلاً و141 جريحا، بحسب وزارة الصحة. هذا وتعرض مقر قناة "ليبيا الدولية" التلفزيونية في العاصمة الليبية طرابلس ليل الأحد الى الاثنين لقصف صاروخي، وذلك بعد بث هذه القناة الخاصة بياناً تلاه عقيد في الجيش الليبي أعلن فيه باسم الجيش تجميد عمل المؤتمر الوطني العام، أعلى سلطة في البلاد. وأضاف البيان أن الجيش قرر أيضاً تكليف لجنة الستين لصياغة الدستور التي انتخبت في فيفري "بالقيام بالمهام والاختصاصات التشريعية في أضيق نطاق ممكن، وكذلك الاختصاصات الرقابية على أداء حكومة الطوارئ المؤقتة والإشراف، بالاشتراك مع المفوضية العليا للانتخابات على إنجاز الاستحقاقات الانتخابية البرلمانية والرئاسية في مواعيدها". كما قرر الجيش، بحسب فرنانة، تكليف الحكومة المؤقتة برئاسة عبد الله الثني بتصريف الأعمال. المجتمع المدني يدعو للحوار أمام التصعيد الذي تشهده ليبيا، دعت مؤسسات المجتمع المدني بمدينة بنغازي أطراف الأزمة في المدينة الى الحوار من أجل وضع حد للاشتباكات والتدهور الأمني الواقع في المدينة و لتجنب فقدان المزيد من أبنائها. ودعا بيان أصدرته هذه المؤسسات كافة الأطراف إلى التهدئة ونبذ العنف والقتال والسماح للوسطاء والعقلاء بالتوسط بين الأطراف والجلوس على طاولة الحوار وأن يتركوا الوسطاء للتوصل لمعرفة المتورطين في جرائم القتل والاغتيالات التي تشهدها المدينة وتقديم المتورطين فيها للعدالة. ويرى خبراء ومحللون أن اللحظة الراهنة وما تشهده من ظروف ضاغطة وتحديات على كل المستويات تتطلب تراصا واصطفافا من قبل الكل حكومة وشعبا وقوى سياسية من أجل عبور هذه المرحلة الاستثنائية بكل ما تحويه من مخاطر عديدة يمكن أن تقود الجميع إلى المجهول.
السعودية تغلق سفارتها أغلقت المملكة العربية السعودية سفارتها في طرابلس الليبية وأجلت العاملين بها. وقال السفير محمد العلي، سفير السعودية لدى ليبيا، أمس إنه موجود في بلاده حالياً في إطار إجازة خاصة، وإن الأمر لا يتعلق بمغادرة ليبيا جراء تدهور الأوضاع الأمنية فيها، خاصة في أعقاب اختطاف السفير الأردني بالعاصمة طرابلس من قبل مجموعة من المسلحين، وقال: "سأعود بإذن الله، إن لم يستجد جديد". وأكد السفير العلي استمرار عمل سفارة السعودية في طرابلس رسمياً، وقال "إن الوضع الأمني في ليبيا مقلق نظراً للكميات الهائلة المنتشرة من قطع السلاح"، مشيراً إلى تخفيض أعداد البعثة الدبلوماسية والعاملين بالسفارة بما يتلاءم مع حاجة العمل والظروف الأمنية". من جهة أخرى، أعرب السفير السعودي عن قلقه من سيطرة المسلحين على إدارة مطار طرابلس والتحكم فيه، وقال إن "هناك الكثير من الجوازات المزورة والتأشيرات غير السليمة التي تخرج من المطار جراء الثغرات الأمنية".