انتقد الجامعي أحمد شنيقي المهرجان الوطني للمسرح المحترف، ومن ورائه واقع الفنون الدرامية بالجزائر، مكرّسا هذا الانتقاد برفضه دعوة المهرجان، قائلا إنه يفتقر إلى الحوار الجاد حول وضعية المسرح المتردية، حسبه، وأن المهرجان حاد عن الأهداف الأولى المسطرة له. وفي مساهمة نشرها على النت، قال الأكاديمي المتخصص في الفنون المسرحية والأستاذ بجامعة عنابة أحمد شنيقي إنه «من غير الممكن بالنسبة لي، في ظل الظروف الحالية من ضحالة الأنشطة المسرحية والثقافية، أن أستجيب لدعوة المهرجان». وأضاف أنه بعدما كان للمهرجان، خاصة في طبعته الأولى، أهداف واضحة، تحوّل الأمر في السنوات الأخيرة إلى إهدار للأموال العامة وتزايدت غلبة منطق الريع. وتساءل شنيقي: ما فائدة حضور المهرجان دون التمكن من المشاركة في نقاش حول واقع وحقيقة النشاط المسرحي في الجزائر، نقاش حقيقي يمكّننا من تقديم مقترحات ملموسة من أجل تغيير الأمور؟ مؤكدا على أنه يجب التجرؤ وفتح مناقشة جادة حول «التركة» والعقبات التي ورثها المسرح الجزائري من أخطاء التسيير الماضية وما وصفه ب»العجز الرمزي والمادي». ولكن شنيقي لم يغفل عن تقديم الشكر للقائمين على المهرجان لدعوتهم إياه، خاصة وأن أفكاره وانتقاداته لم تكن تروق للبعض فيما سبق.. وهنا فتح شنيقي النار على الوجوه السابقة في وزارة الثقافة، قائلا إنها «جسّدت منطق الإقصاء»، آملا في أن تتحسن الأمور بفضل الإدارة الحالية. وقارن شنيقي بين التجربة المسرحية الاحترافية الأوروبية، والتجربة الجزائرية التي تنقصها الجدية حسبه. كما انتقد التغطية الصحفية للتظاهرات والأعمال المسرحية، قائلا إنه عندما يقرأ الصحافة يحسّ وكأنه والصحفي لم يحضرا معاً نفس المسرحية. «هناك بالتأكيد بعض المحاولات الصحافية المثيرة للاهتمام هنا وهناك» ولكن هذا غير كاف، يقول شنيقي الذي يتساءل: «ألم يحن الوقت للتكفل بالصحفيين وإرسالهم في دورات تكوينية وتدريبية في أوروبا؟» مؤكدا على أن تدخل الدولة أمر حاسم لإدارة النشاط المسرحي في جميع جوانبه، «الاحترافي»، «الهاوي»، «الخاص»، «الجامعي»، «المدرسي»... مضيفا أن المجالس الشعبية البلدية والولائية، وكذا الجامعات، يمكن أن تكون شريكا فعّالا في إعادة تنشيط الفن الدرامي في الجزائر، خاصة وأنه يمكن توظيفه بسهولة كأداة تعليمية. وخلص شنيقي إلى أن تكاتف الإدارة المحلية، والجامعة، والمدرسة والهياكل الثقافية، تكاتف لا بد منه، من أجل السماح للمسرح بأن يترسخ في البيئة الثقافية الجزائرية. وتساءل شنيقي عن مدى جودة الأعمال على قلتها التي تقدمها المسارح الجهوية، خاصة وأنها تفتقد إلى روح المبادرة وترزح تحت وطأة وثقل الجهاز الإداري. وللخروج من هذا الوضع يقترح شنيقي إعادة النظر في طريقة عمل المسارح العامة، والتركيز أكثر على الإنتاج والنشر، وبالتالي تحويل بعض الموظفين الإداريين إلى قسم الترويج والنشر. وكما هي الحال في المسارح الأوروبية، وحتى في تونس ولبنان، فإن قطاعي الإنتاج والترويج يمثلان العناصر المفتاح للمؤسسة (المسرحية). ويبني شنيقي اقتراحه حول نوع من اللامركزية الداخلية، بمعنى إنشاء وحدتين أو ثلاث وحدات للإنتاج المستقل نسبيا، يسيّرها مخرج يصبح بذلك مديرا حقيقيا لهذا الهيكل، الذي يتوفر داخل المسرح العمومي على ميزانيته وفريقه الفني ومكاتبه. ويصير المدير العام للمسرح مسيرا إداريا بمعنى الكلمة، يعمل على تسهيل الإجراءات للوحدات المختلفة. يذكر أن الأستاذ أحمد شنيقي، في دراسة سبق له نشرها، وصف مهرجان المسرح المحترف (الذي كان له طابع دولي حينها) بأنه يفتقد إلى الاحترافية، وأن منطق التوصيات في اختيار لجنة التحكيم للأعمال المشاركة كان هو الغالب.. كما قدّم مجموعة من الاقتراحات والتوصيات لتحسين واقع المسرح الجزائري.