شبكات التواصل فضاء للمواقف والأحاسيس المكبوتة نظمت الجمعية الثقافية «نوافذ ثقافية» مطلع هذا الأسبوع بمتحف الفنون الجميلة بالحامة، ندوة نقاش حول واقع الكتابات الساخرة في الجزائر، كانت من تقديم كل من الإعلامي والكاتب السياسي إبراهيم قارة علي، والقاص والإعلامي سعيد بن زرقة، فيما نشطها الدكتور في المسرح والمخرج والناقد حبيب بوخليفة.. وتطرق قارة علي إلى هامش الحرية في الكتابة الساخرة، فيما أصرّ بن زرقة على التفريق بين السخرية والتهكم والتعريض، كما أشار إلى تجربة جمعية العلماء المسلمين في هذا النوع من الكتابة.
تطرق الإعلامي والكاتب الصحفي إبراهيم قارة علي إلى تجربته في الكتابة الساخرة، والتي تعود إرهاصاتها الأولى في بداية التسعينيات وتوقف عند تجربته في كتابة الجداريات التي ينشرها بشكل منتظم على صفحته التواصلية وكذلك في بعض الجرائد اليومية. وقال الإعلامي إبراهيم قارة علي: «أعتقد أن كتاباتي الحائطية والتي تتمثل في الجداريات، يكون قد ساهم في بلورتها هذا التطور التكنولوجي لوسائل الإعلام والاتصال، ومختلف الوسائط الاجتماعية التي أحدثتها الثورة المعلوماتية..». ويضيف الإعلامي أنه إذا كنا نعيش الزمن الإلكتروني، «فقد كانت تراودنا الفكرة في الزمن الورقي وهنا أتحدث عن الصحافة المكتوبة أو الورقية قبل أن تتطور الصحافة الورقية، وتظهر في شكل مواقع وجرائد في الفضاء الإلكتروني». ويؤكد الكاتب الصحفي، والنائب السابق بالمجلس الشعبي الوطني، إبراهيم قارة علي، أن مثل هذا التطور التكنولوجي في المجال المعلوماتي والاتصالاتي، وخاصة على صعيد التواصل الاجتماعي الذي جاءت به الشبكة العنكبوتية، لم يكن بمعزل عن التطور الاجتماعي والسياسي، خاصة وأن مثل هذه الكتابات الساخرة تنهل من الواقع السياسي والاجتماعي الذي تعيشه الأمم والدول والأفراد والجماعات، وبالتالي فإن الكتابة الساخرة إنما تسخر من هذا الواقع بطريقة كاريكاتيرية أو تهكمية حين تتوجه بالنقد والانتقاد إلى مختلف الظواهر والمظاهر، من أحداث يومية ومواقف سياسية وإعلامية، خاصة وأن الكتابة الساخرة هي الأخرى تساهم في صناعة الرأي العام إلى جانب رجال السياسة ورجال الإعلام، حيث أنها هي الأخرى تتأثر بالرأي العام وقد تؤثر فيه. وخلص الإعلامي إبراهيم قارة علي إلى القول إن ابتعاده عن قاعات التحرير قد جعله يلجأ إلى الكتابات الحائطية التي يجد فيها حريته وراحته، «فالجرائد اليومية لم تعد تهتم بالرأي والتحليل، وإنما في أغلب الأحيان تكتفي بتقديم مواضيع إخبارية جافة»، يقول قارة علي، وقد يعود ذلك حسبه إلى تقلص هامش الحرية حينما يتعلق الأمر بالجانب المادي (إذ لا يمكن في أحيان كثيرة انتقاد مؤسسة ربحية تقدم صفحات إشهارية للجريدة، وهو ما يعاب حتى على أكبر الصحف العالمية).. ولذلك فقد أصبحت صفحته التواصلية الشخصية هي جريدته اليومية لأنها لا تحتاج إلى الإشهار لكي تضمن الاستمرار. ومن جهته تحدث الكاتب سعيد بن زرقة عن مفهوم السخرية، وتداخله هذا المفهوم مع مفاهيم أخرى مثل التعريض والهجاء والتهكم. حيث أنه يرى بأن السخرية هي تشويه للغة وللمواقف وللأشخاص، الغرض منها الإضحاك والفائدة، على عكس التهكم الذي يوظف أسلحة ممنوعة بهدف الهدم، كما أن السخرية احتراف وتقاس الكتابة الساخرة بمدى توظيفها للكتلة النصية الساخرة. كما أكد على أن السخرية كانت حاضرة مع أول نص قصصي الحمار الذهبي لأبوليوس. ومن الملاحظات التي ذكرها بن زرقة هو حضور السخرية بقوة في كتابات جمعية العلماء المسلمين، الذين كانوا أكثر انفتاحا من زمننا على أسلوب السخرية. وتناول بالنقد الوسائل الإعلامية التي كرست السوداوية وهمشت هذا النوع من التعبير، الذي يلعب دور التطهير، واستند إلى مقولة أن الشعوب التي لا تضحك شعوب تفتقد للإنسانية ومكانها في محتشدات الأمراض العصبية.