نظمت المكتبة المركزية بمدينة تيسمسيلت، ندوة فكرية وذلك بمناسبة أحياء تظاهرة الربيع الونشريس الأدبي في طبعته الثانية، حيث ألقى الأستاذ سعيد بن زرڤة محاضرة حول جماليات الأدب الساخر وتجربته الأدبية في الكتابة الساخرة، حيث أماط اللثام عن مشكلة التداخل بين أجناس هذا الأدب من السخرية، التهكم، النكتة والدعابة، مما أحدث نوعا من النفور من الكتابة في الأدب الساخر في الجزائر. وقد عرف بن زرڤة الأدب الساخر بالاستخفاف والتذليل مع النقد والضحك، أما التهكم وصفه بعملية الهدم المباشر بلغة ساخرة هدفها تحطيم الآخر، كاشفا أن العديد من الكتابات الصحفية كعمود الإعلامي ”سعيد بوعقبة” في جريدة ”الخبر” كتابات تهكمية ساخرة تحاول النيل من الخصم بطريقة مباشرة لا علاقة لها بالأدب الساخر الذي يتميز بالحبكة ورسم لظاهرة اجتماعية وإبراز صور فنية من شأنها بناء الشخصية لا الهدم والإحباط، معتبرا أن ثمرة السخرية المتعة الحقيقية التي لا تخلو من النقد، ويرى الأستاذ بن زرڤة أن القارئ الجزائري لا يجرؤ على الضحك إلا في الكواليس لأسباب أرجعها إلى عدم الوصول إلى سقف الحرية التامة، مما أحدث نوع من النفور من الكتابة في هذا النوع الأدبي، مؤكدا إلى أن الجزائر تفتقد لثقافة السخرية قائلا ”حيث لا توجد سخرية وضحك توجد محتشدات للمجانين. وتحدث بن زرڤة عن العديد من النصوص الأدب الساخر على غرار كتاب ”الحمار الذهبي” لأبوليوس، حيث وظفت هذه الرواية الأولى التي عرفت في تاريخ الأدب الروائي لغة ساخرة من خلال تحول إنسان لحمار، أما في الأدب الجزائري نجد ”منامات الوهراني”، ”صور سلوكية” للكاتب رضا حوحو، ”شعيب الخديم” للشاعر الفيروزي، كما تحدث عن الكتابات باللغة الفرنسية وبروز الكاتب ”عزوز بكار” في الأدب الساخر من خلال ”ولد الشعبة”. وانتقد الأستاذ بن زرڤة توظيف السخرية في القنوات التلفزيونية وكذا الصحف والتي من شأنها إحباط القارئ لا الرفع من معنوياته بطريقة تجعله ينظر إلى الحياة نظرة مشرقة لا سوداوية، داعيا إلى فتح مساحات لمثل تلك الكتابات على مستوى جميع وسائل الإعلام. كما دعا أيضا طلبة علم النفس والأنطولوجيا، إلى اتخاذ مواقع التواصل الاجتماعي كالفيسبوك والتويتر كظاهرة ومادة خصبة لدراسة وتحليل العديد من المنشورات التي تكثر فيها أنواع التهكم والتندر، مع فهم النفس البشرية ومعرفة الأسباب الحقيقية لانتهاج أسلوب هدم الآخر عبر تلك الكتابات المحبطة للمعنويات. ويجدر بالذكر أن السعيد بن زرڤة لديه مؤلفات في الأدب الساخر ك”قلة أدب” وهي مجموعة من النصوص السردية الساخرة، التي نشرها عبر مختلف الصحف الوطنية كالشروق الثقافي واليومي، والجزائر نيوز، والأحرار الثقافي وأسبوعية كواليس، بالإضافة إلى مؤلفه الموسوم ”كرستين والحمار”.