أكد الدكتور أسامة غربي بجامعة المدية، أول أمس، في اليوم الدراسي المنظم من طرف مجلس القضاء حول «الإعلام والقضاء» بأن هذا الحق لا يجب أن يكون مقيدا بضوابط، غير أن الحق في التعبير جاء في سياق الحرية المتبوعة بجملة من الواجبات والمسؤوليات. كشف غربي أن التشريعات وضعت ضوابط قانونية لممارسة هذا الحق في إطار حماية سمعة الآخرين، والأمن القومي، السكينة العمومية، والصحة والآداب العامة، موضحا أن هذه القيود يجب أن تشكل « الاستثناء لا الأصل « وفق ما أقرته التشريعات الدولية، من حيث عدم إفراغ الحق من محتواه، مستشهدا ببعض المصادر من بينها «المقرر الخاص للأمم المتحدة حول الحق في التعبير»، على أن الانتهاكات ضد الصحفيين تشكل انتهاكا ضد الصحفي والجمهور في حقه في المعلومة. واعتبر غربي أن الحق في الإعلام «مؤكد» في كل الإتفاقيات الدولية شريطة أن تخضع للضوابط التي يقررها المشرع الداخلي للبلدان المصادقة على هذه الإتفاقيات، شارحا مسألة الحق في حرية التعبير في الجزائر بدءا من دستور سنة 1963، والذي اعترفت فيه مادته 19 بحق التعبير دون ضوابط، غيرأنه في دستور 1976 بدأت تظهر الضوابط والمحظورات عندما يمارس الشخص حقه في التعبير، فيما أعتبر، دستور 1989 بالأضمن لحقوق الجزائريين، لتعزيزه حرمة الرأي وأبان أقصى حد الإعتراف بالحقوق، ولاسيما المادة 63 منه التي أقرت حقوق التعبير بكل صراحة، معرجا في هذا السياق بأن الدساتير أقرت حرية التعبير وأعطت الضمانات لحماية وتوفير حرية التعبير للمواطن والإعلامي، وقد تجسدت في وجود الدستور، سموه، تدرج القواعد القانونية، مبدأ الفصل بين السلطات وتنظيم الحقوق والحريات في مجال القانون، إلى جانب أخرى توصف بأنها ضمانات قضائية من خلال دور المجلس الدستوري الذي يعالج مدى دستورية القوانين. وتطرق غربي أيضا إلى القيود الدولية التي تخص حرية التعبير بكونها كانت غير صريحة، بل ترك الأمر فيها للقانون المعنى كالقانون العضوي للإعلام الجزائري الأخير لسنة 2012 المحدد للضوابط التي تخص الصحفي أي كانت الأداة وبخاصة مادته 02، داعيا إلى ضرورة عمل الصحافيين في اطار هذه المادة و لا سيما لما يتعلق الأمر بسرية التحقيق ، موضحا بأن هذا القانون اعترف بحرية التعبير، إلا أن ألزم احترام شعارات الدولة ورموزها، وعدم تمجيد الإستعمار الإمتناع عن الوشاية، ... مذكرا الحضور بأن مواد هذا القانون لا تطبق على الصحفي فقط بل تتعدى إلى المواطن ، محذرا من الوقوع في تبعات المادة 93 والتي تمنع انتهاك الحياة الشخصية للفرد والشخصيات العمومية بطريقة مباشرة أو غيرها، مختتما محاضرته بأن الحق في حرية التعبير هو من بين الحقوق الأساسية للمواطن في شتى أعماله، لكن كل هذا مقترن بضوابط مفروضة من قبل المجتمع الدولي . وفيما جزم أحد المتدخلين من بين إطارات قطاع العدالة بأن هناك علاقة تكاملية بين الإعلام والقضاء ووجود اصطدام خفيف، برر وقوع الكثير من الإعلاميين تحت طائلة تسريب معلومات من شأنها أن تؤثر على سرية التحقيق، إلى عدم وجود المعرفة والتكوين القانوني لدى الصحفي وهو ما يفترض أن تنتبه له المؤسسة الإعلامية أي كان نوعها من خلال الإستعانة بمستشار قانوني لتفادي الإصطدام. وقال النائب المساعد بأن الصحفي مطالب بالعودة لنص المادة 02 من هذا القانون العضوي حتى يتفادى المتابعات، في حين وصف عمار مرابط وكيل الجمهورية لدى محكمة العمارية، قبل عرضه لمداخلته بعنوان « سرية التحريات والتحقيق والإحتياطات الواجب اتخاذها لعدم المساس بقرينة البراءة وحسن سير التحقيق وحرمة الحياة الخاصة للأشخاص « الدستور الجزائري بالأحسن في العالم من حيث اقراره للحقوق والحريات، طارحا في هذا اليوم الدراسي إشكالية ماهية العلاقة التي تربط القضاء والإعلام، وأحكامها ؟ مؤكدا في جوانب محاضرته بأن سرية التحقيق نص عليها المشرع الدولي والجزائري ، معددا الأشخاص المكلفين بسرية التحقيق القضائي، ومن بينهم رجال الإعلام وكذا مساعدي قطاع العدالة من محامين وخبراء وموثقين ومحلفين شعبيين وأعوان كتاب الضبط بمختلف مستوياتهم.