اليوم العالمي للمرأة: الوزير الأول يكرم عددا من النساء الجزائريات المبدعات    فرنسا استخدمت أسلحة كيميائية على نطاق واسع في الجزائر    الفريق أول السعيد شنقريحة يشرف على مراسم الاحتفال باليوم العالمي للمرأة    متابعة ميدانية لجاهزية مراكز إجراء "البيام" و"الباك"    سونلغاز تشرع في تنفيذ التزاماتها بالنيجر    تركيب الوحدة الأولى لمركز البيانات الوطني الثاني    تمديد فتح مكاتب البريد إلى الخامسة مساء    426 مترشح للظّفر بعضوية مجلس الأمة    المرأة الصحراوية الأكثر "معاناة" و"تأثرا" بالجرائم ضد الإنسانية    نساء فلسطين ضحايا الاحتلال الصهيوني والتخاذل الدولي    الالتزام بموقف موحد رافض لتهجير الفلسطينيين    مدرب هيرتا برلين الألماني يدعم إبراهيم مازة    مدرب عمورة السابق يعترف بتطور مستوى مهاجم "الخضر"    مشكلة الملاعب تقلق "الخضر" قبل لقاء بوتسوانا في تصفيات المونديال    مساعٍ لسد احتياجات الأسر المعوزة بباتنة    توزيع قفة رمضان وإفطار الصائمين    اليونان.. الإفطار على صوت المدفع والموائد الجماعية    رئيسا غرفتي البرلمان يهنّئان الجزائريات في عيدهن العالمي    انطلاق الطبعة 14 لمسابقة "تاج القرآن الكريم"    الوعي العلمي في الجزائر عرف تحوّلات عدة    "في رحاب رمضان.. الجزائر تنشد"    2000 امرأة أصبن بعاهة مستدامة في مجازر إسرائيل..قلق إسرائيلي من محادثات أمريكا وحماس    سوريا : استعادة السيطرة على معظم مناطق الاشتباكات مع فلول النظام السابق    الجولة ال19 من الرابطة المحترفة "موبيليس":مولودية الجزائر يحكم قبضته على الصدارة وبلوزداد يتراجع    طه دربال : توزيع يومي بالماء الشروب بكامل ولاية وهران قريبا    تندوف.. توزيع حوالي 150 طن من اللحوم البيضاء يوميا عبر الأسواق المحلية    الاتحاد الجزائري لكرة القدم : تعديلات في برمجة مباريات الكأس والبطولة    شباب بلوزداد يفتح ملف مايو خانيسا .. واجتماع راموفيتش    المسيرة الدولية للنساء في سويسرا تجدد التزامها بدعم نضال المرأة الصحراوية    الطارف : 10 أطنان من سمك البلطي الأحمر لتموين السوق الوطنية    بشعار "في رحاب رمضان … الجزائر تنشد" : أزيد من 100فرقة بمهرجان الأنشودة الدينية لاحياء ليالي رمضان    اليوم العالمي للمرأة: وقفة ترحم بالعاصمة على روح الشهيدة حسيبة بن بوعلي    بعنوان سنة 2025..تنظيم الطبعة الثانية للأولمبياد الجزائرية للرياضيات    السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات:التصويت إجباري ماعدا في حالة وجود مانع قاهر    جثمان الصحفي محمد لمسان يوارى الثرى بمقبرة عين البنيان بالعاصمة    جمباز/ دورة جيمنيكس الدولية: تتويج الجزائرية كيليا نمور بمونتريال    مؤتمر إفريقيا للاستثمار والتجارة: تنظيم الطبعة ال11 يومي 10 و11 مايو المقبل بالعاصمة    فلسطين: الاحتلال الصهيوني يواصل عدوانه على طولكرم ومخيميها لليوم ال41 على التوالي    سهرة رمضانية في الإنشاد والمديح الديني بقاعة الأطلس    منتدى أعمال جزائري صيني    وضع الموانئ الجافة تحت تصرف المؤسسات المينائية    نحو إعادة النظر في تنظيم غرف التجارة والصناعة    نحو إنشاء أقطاب صناعية بالعديد من ولايات الوطن    الحوادث المنزلية تهدّد الأطفال في رمضان    اعتماد الفرز الانتقائي والاقتصاد الدائري    شركة جزائرية تُكرَّم في قطر    51 سنة على سقوط طائرة الوفد الجزائري بفيتنام    على مائدة إفطار المصطفى..    أَيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ    العفو عند المقدرة    برنامج تأهيلي للحجاج    تجديد النّظر في القضايا الفقهية للمرأة من منطلق فقهي رصين    الإنتاج المحلي يغطّي 76 % من احتياجات الجزائر    اجتماع تنسيقي لتطوير آليات خدمة الحجاج والمعتمرين    كرة القدم داخل القاعة : المنتخب الجزائري يواصل تربصه بمركز فوكة    الإنتاج الصيدلاني الوطني يغطي 76 بالمائة من الاحتياجات الوطنية    اجتماع تنسيقي لتطوير آليات العمل المشترك لخدمة الحجاج والمعتمرين    شهر الجود    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفنان لا يطلب التكريم.. بل التثمين
نشر في الشعب يوم 07 - 06 - 2015

اغتمنا فرصة تواجد عدد من الفنانين من مختلف المشارب والأجيال، بالحفل الذي أقامته جمعية الهواء الطلق بمدينة بودواو احتفاءً بيوم الفنان، والذي عرف تكريم المخرج عمار تريباش والمسرحي عمار معروف، واقتربنا منهم لكي نتعرّف عن رؤاهم المتعلقة بهذه المناسبة خصوصا، ووضع الفنان الجزائري عموما.. وإن اختلفت تحاليل كل من المخرج القدير عمار تريباش، والفنان القدير عمار معروف، والفنان التشكيلي كلوش ابن مدينة تيارت، ومفتش التربية الفنية رابح الأصقع، ومغنية الأوبرا الواعدة أسماء معوش، إلا أنها التقت كلها في نقطة واحدة وهي ضرورة تكريم الفنان، لا بتقديم الجوائز له، بل بتوفير ظروف الإبداع وتثمين مجهوده الفني.
وقبل حديثنا مع الفنانين المذكورين، التقينا المدير الفني لجمعية الهواء الطلق، الفنان حليم عماري، الذي قال إنها المرة الثالثة التي تبادر الجمعية بتكريم فنانين جزائريين، سواء من الأسماء المعروفة أو من فناني الجمعية الذين تألقوا هذه السنة في مختلف المناسبات. "عدد الفنانين في مدينة بودواو كبير جدا، وجمهورها يتطلع إلى مناسبات مثل هذه"، يقول حليم، الذي يتمنى وضعا أحسن، خاصة مع "قانون الفنان الذي لم نلمس بعد آثاره وفوائده على أرض الواقع".
تريباش: الاستمرارية غائبة
يرى عمار تريباش أنه يجب على الفنان أن يطرح على نفسه سؤال هل أنا فنان بالفعل؟ فالذي يعمل في مجال لم ينجح فيه فربما هو مخطئ في اختياره للميدان، "هناك من دخل عالم الفن على سبيل الخطأ، ولا يمت له بصلة، ولمّا لا يحقق النجاح يبدأ في طلب المعونة والبطاقة وما إلى ذلك، وبالمقابل هناك فنانون أثبتوا جدارتهم والأمثلة كثيرة: ألم ينجح آيت منغلات في القبائلي؟ ألم ينجح الشاب خالد؟ الحسناوي؟ الحاج العنقة؟ رويشد؟ ألم ينجح هؤلاء؟ الذين لا ينجحون لا علاقة لهم بالفن"، يقول تريباش.
وعن بطاقة الفنان يقول تريباش إنها مبادرة جيدة، ولكن هذه البطاقة يجب أن توزع على الفنانين الحقيقيين، على أساس معايير مثل المسار الفني، فقد يأتي أحدهم ويظهر اسمه في جينيريك أحد الأفلام ويطلب بطاقة الفنان، وهذا غير معقول، "أنا ضد الطريقة التي توزع بها هذه البطاقة حاليا، هناك معايير يجب احترامها".
وعن من وافته المنية مؤخرا من الفنانين، يذكر تريباش بن مختار والعسكري وآخرهم بن عمر بختي.. "أنا وجدت بختي في التلفزيون، الذي كان فيه سبعة مخرجين، ونحن كنا ننتمي للدفعة الثانية من المخرجين، مثل موزاوي وجمال فزاز وغيرهم، وكان رفقاء بختي وافتسان ومصطفى بديع هم من علّمنا وساعدنا".
وحدثنا تريباش عن الوضعية التي يرحل فيها الفنانون الجزائريون، ويعطي مثالا برشيد فارس، يقول: "لما ذهبت إلى مصلحة حفظ الجثث بباينام لم أجد في المستشفى سوى أخته التي كانت تبكي.. وتساءلت أين الآخرون؟ أظن أن فنانين مثل العسكري أو بختي لم ينالوا ما كانوا يستحقونه فعلا".
أما عن توقف كثير من المخرجين عن الإنتاج، يقول تريباش: "لما أعيد هيكلة التلفزيون ذهبنا إلى المؤسسة الوطنية للإنتاج السمعي البصري ENPA، وهناك وجدنا في حوزتنا مخبرا والشروط المتوفرة لإنتاج أفلام، وهناك صوّر بختي فيلمه، ولكن لما أغلقت مؤسسات السينما، لم يبق هناك مجال للإبداع لجأنا إلى التلفزيون، وهذا هو السبب وراء إنتاجنا للمسلسلات، إذ لم يكن لدينا الخيار. ويجب الاعتراف بأن الأمور تغيّرت قليلا منذ الوزيرة السابقة تومي، أين بدأنا نرى بعض الإنتاج، ولكن السينما صارت مناسباتية، والسينما من حيث الهياكل غير موجودة، هناك أفلام في الجزائر ولكن لا يوجد سينما.. والفيلم عندنا هو مغامرة، تستوجب تدبّر المرء أموره بنفسه، ولو أحكي لك كيف صوّرت فيلم "قصص بلا أجنحة" الذي بقي ثلاثة أشهر في المطار قبل أن أستطيع إخراج نسخة، أنا أتحدى أيّا كان أن يتحمّل ظروف العمل".
ويعتبر تريباش أن من يعمل وينتج في هذا المجال يمثلون الأقلية، ولكن الشريحة الأكبر هي الإدارة، حيث بتوجهك إلى وزارة الثقافة فإنك تكاد تتوه لكثرة المكاتب والمناصب، ولكن لا تجد من المخرجين إلا القليل.. ليس الفنان فقط هو المطالب بالنتائج، فإذا لم ينجح الفيلم مثلا يكون أول من يحاسب هو المخرج عمار تريباش، ولكن المسؤولين عن الثقافة أيضا يحاسبون على النتائج". كما اعتبر تريباش بأن الاستمرارية غائبة، فقد يأتي أشخاص بمشاريع وأفكار ولكن بمجرد ذهابهم تذهب مشاريعهم معهم. "يبدو أن الأشخاص هم من يصنعون المؤسسات وليس العكس".
ولم ينس محدثنا التطرق إلى الإعلام الثقافي، حيث لاحظ بأنه في كل الجرائد دون استثناء نجد الصفحة الثقافية هي الأقل اعتبارا، وحتى حينما نقرأ الصفحات الثقافية نجد الحديث عن الأجانب وليس على الفنانين الجزائريين، وكأنه بحث عن البرستيج.
الفنان القدير عمار معروف: الإدارة خيّبت أملي
يقول معروف: "أنا متعاقد منذ 15 سنة، كموظف في المسرح الوطني، ولكن منحة
التقاعد تبقى هزيلة". ويحدثنا "عمي عمار" عن متاعبه الصحية يقول: "أعاني من ثلاثة أمراض دائمة، فقد تعرضت لسكتة قلبية، وأعاني من السكري وضغط الدم، وبعد زلزال 2003 الذي ضرب بومرداس، تقرّر إرسالنا للشاليهات، وهو ما لا يتحمله وضعي الصحي، فتوجهت إلى وزارة الثقافة، حيث استقبلت في ديوان الوزيرة التي كانت في زيارة إلى إسبانيا حينها، واطلعت المسؤولة السامية التي استقبلتني على ما أتقاضاه واعتبرت ذلك "عيبا"، وتلقيت وعودا بحلّ مشاكلي ولكن لم يتغير شيء إلى يومنا هذا.
وأضاف: "هناك كثير من الفنانين المبدعين والعباقرة الذين قدموا الكثير للفن الجزائري، ولكنهم لا يشكون حالهم، كما أنهم صابرون لحبهم الفن، وهو الشيء الذي يبقينا صامدين صابرين". واستغرب محدثنا وضع قاعات السينما التي ترمّم في كل مرة ولكنها تعود وتتدهور. وأضاف عمار معروف بأنه يستدعى "أحيانا" إلى بعض المناسبات والتظاهرات، وتأسف مثلا لعدم دعوته في مهرجان المسرح المحترف وهو "ابن المسرح"، ولكنه أصرّ على أنه مصاب بخيبة أمل من جهة الإدارة.
وعن إقبال الجمهور على الفن، اعتبر عمار معروف بأن الظروف تختلف، ففي أيام الفنان رويشد كان هناك تأهب أمني خلال كل عرض بسبب الإقبال الجماهيري، والآن يدخل الجمهور مجانا دون أن يكون إقبال حقيقي.
واستذكر عمي عمار سؤال الزميل جلال في حصة "شموع التلفزيون" عمّا إذا كان مستعدا أن يقوم بنفس الاختيارات لو أتيحت له العودة إلى الوراء، وأجاب الفنان القدير بأنه إذا كتب له أن يلتقي نفس الأشخاص الذين عرفهم فإنه سيعيد نفس الشيء.
وعن الأسماء التي فقدتها الساحة الفنية مؤخرا، قال عمي عمار إن هؤلاء لم يتميزوا فقط بفنهم بل بأخلاقهم كذلك، وكان حبهم للجمهور أكبر من حبهم للمقابل المادي. وتمنى الفنان وضعا أحسن، وتوجه إلى وزير الثقافة عز الدين ميهوبي داعيا إياه إلى النهوض بالفن الجزائري، خاصة وأنه ابن القطاع ويعرف خباياه وانشغالاته.
خير الدين كلوش: لا يمكن أن نعيش من الفن
يصف الفنان التشكيلي محمد خير الدين كلوش مدينته تيارت بأنها مدينة فنانين، وقال إنه سنة 1942 كان هناك فرقة مسرحية بسوقر، ومؤسسها هو فنان استشهد قبل علي معاشي رحمه الله، كما أن فكرة يوم الفنان كانت بتيارت سنة 1997، ثم توقفت قبل أن يتم تبنيها على المستوى الوطني.
«الفنان التشكيلي قد يعرفه الناس بعد رحيله عن هذا العالم" يقول محدثنا، مضيفا أن الفنانين التشكيليين يحاولون فرض أنفسهم ولا ينتظرون الدعوات الرسمية، "أنا أعمل في الجنوب الجزائري ولكنني أتيت بمجرّد دعوتي لأن الفنان يؤدي رسالة". واعتبر كلوش بأنه ليس لدينا سوق فنون تشكيلية في الجزائر، كما أن الفن لا يمكن أن نعتاش منه، على الأقل في بلادنا، "لو لم أكن أشتغل بالموازاة مع الفن التشكيلي لما استطعت الاستمرار في هذا الفن".
رابح الأصقع: مبدعون مبعدون..
يعتبر مفتش التربية الفنية رابح الأصقع، بأنه مادام الفنان مرجع المجتمع وأحسن سفير مثّل الوطن وإنسانية الإنسان الجزائري، فعلى الأقل نثمّن إبداعه، "الفنان يطلب التثمين والاعتراف لأن هناك من يحترق في صمت. إننا نكرم الفنانين المعروفين ولكن لا يجب أن ننسى وجود مبدعين مبعدين عن الأضواء.. الأستاذ معروف ليس بحاجة إلى معروف، بل إلى إعادة الاعتبار لذلك المسار الذي كرّس له حياته"، يقول الأصقع عن وضع الفنان عمار معروف، كما أعطى مثالا بمحمد بوزيد الذي رسم ختم الجمهورية ورحل في صمت في مثل هذا الأسبوع العام الماضي، "لماذا لم يكرّم بطريقة رسمية وهو صاحب الختم الرسمي؟ ولماذا لا يدرج اسمه ضمن المناهج التربوية" يتساءل محدثنا، الذي اقترح أن يتمّ إدراج الفنانين الصغار في احتفالات اليوم الوطني للفنان، وهناك منهم من حصد الجوائز.
«يوم الفنان يجب أن يكون للعبرة والاعتبار، ولا يكون مجرد حدث سياسوي أو شعبوي، فالفنان بحاجة لمن يطبع له كتبه ويرفع عنه العراقيل الإدارية".
أسماء معوش: لماذا نولي الأولوية للآخر؟
تقول مغنية الأوبرا والمشاركة في برنامج تدعيم دراسة الموسيقى في المدرسة الابتدائية، وخريجة المعهد العالي للموسيقى الفنانة أسماء معوش، إن المرأة الفنانة تعاني من العراقيل لكونها امرأة، بالإضافة إلى العراقيل التي يعرفها الفنان، والسبب راجع للمجتمع بصفة خاصة، وما يمكن أن يخفّف هذا الضغط الاجتماعي هو دعم العائلة، "أنا مثلا وجدت مساندة والدتي التي ترافقني".
أما عن العراقيل المهنية تقول أسماء إن الفرصة لا تعطى للوجوه الجديدة، وتحدثت عن نوع من الاحتكار في المجال الفني، وأعطت أسماء مثالا بالأوركسترا السمفونية الوطنية التي رغم وجود أصوات محلية تينور، باريتون، وسوبرانو، إلا أنها تفضل استقدام أجانب من دول أوروبية أو
عربية.
«إننا نحس بوجود تفضيل للأجنبي رغم أن التكوين الموسيقي الجزائري ذو مستوى عال، بدليل أن الدبلوم الجزائري معترف به في الولايات المتحدة الأمريكية ولديّ أمثلة على ذلك، كما أن أساتذتنا، واذكر منهم الدكتور بلفروني، لهم مستوى عالمي ويستحقون التكريم".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.