إبعاد المؤسسات الجمهورية عن الجدل السياسي شكلت رسالة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، للأمة بمناسبة الاحتفال بالذكرى ال53 لاسترجاع السيادة الوطنية، مادة دسمة في كلمة رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح، خلال اختتام الدورة الربيعية للبرلمان بغرفتيه أمس، حيث رأى في التوجيهات التي تضمنتها سيما تلك المتعلقة بمشروع تعديل الدستور بمثابة خارطة طريق للعهدة الحالية، في حين اعتبر رئيس المجلس الشعبي الوطني العربي ولد خليفة طريق الحوار والتوافق بين الشركاء في الوطن حول الأهداف والأولويات من يحمي الجزائر ويوسع الديمقراطية التشاركية، وألقت العمليات الإرهابية التي استهدفت تونس، الكويت، وفرنسا بضلالها على أشغال اختتام الدورة الربيعية التي كانت ثرية بشهادة رئيسي الغرفتين، حيث اتفق كل من بن صالح ووولد خليفة على أن مقاربة الجزائر في مكافحة الإرهاب تبقى نموذجا ناجحا للخروج من بؤر التوتر والنزاعات ووضع حد لهذه الآفة الدولية. دعا عبد القادر بن صالح رئيس مجلس الأمة، إلى ضرورة التحكم الصارم في الموارد المالية للدولة وتوجيهها على نحو يحافظ على التوازنات الاقتصادية الوطنية، ويضمن التغطية الاجتماعية الضرورية لها، لاسيما في مجالات الصحة والتعليم والسكن، محذرا من مآلات المؤشرات الاقتصادية والمالية، التي حسبه تنبئ بأنها ستكون صعبة ما لم يتم التقيد بالتوجيهات والخيارات التي اعتمدتها بتوجيه من رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة. وأبرز بن صالح لدى إشرافه، أمس، على اختتام الدورة الربيعية لمجلس الأمة، الجهد الذي تبذله الحكومة للتوفيق بين التقليص من الإنفاق من جهة والاستجابة للاحتياجات الاجتماعية الملحة من جهة أخرى، قائلا أنه ينبغي إشراك الفاعلين السياسيين في مجال التوعية والتحسيس لإشعار مختلف فئات المجتمع بصعوبة المرحلة، مشيرا إلى ضرورة تفعيل الدور المنوط بمؤسسات التأثير في الرأي العام الوطني، وفي مقدمتها وسائل الإعلام وكذا جمعيات المجتمع المدني، ودعوتهما للتكفل بتثبيت القناعة بخصوصية وصعوبة الظرف، وتكييف أنماط التسيير والإنتاج والاستهلاك بما تتطلبه المستجدات الناجمة عن تراجع واردات النفط. وفي هذا السياق، حث رئيس مجلس الأمة الفاعلين الاقتصاديين لتنويع وتقوية الصادرات خارج المحروقات والعمل على تهيئة مناخ أفضل لخلق الثروة المعرفية والإقتصادية، مبديا الارتياح لأجواء الأمن والطمأنينة التي سادت رمضان هذه السنة من توفر للمواد الاستهلاكية في الأسواق، منوها في ذات الوقت بجهود الحكومة وسياستها في مجال التحكم في الأسعار، قائلا:»كما ظهر واضحا أن تراجع ظاهرة المضاربة وارتفاع الأسعار كانت بينة، أملنا أن تستمر مثل هذه الوضعية لما من شأنه أن يخفف من أعباء المواطن طيلة أشهر السنة». واستحسن بن صالح الآليات التي أقرتها الحكومة في هذا المجال، أو على صعيد الوعي الاجتماعي لدى الأسر الجزائرية، داعيا الى ضرورة مضاعفة الجهد التحسيسي للمواطن بقصد التفاعل الايجابي مع التوجيهات الترشيدية، التي ما فتئت سياسة الحكومة تدعو لها بقصد التكيف مع الواقع الإقتصادي الضاغط والإكراهات المالية غير المريحة المفروضة على البلاد، والناجمة عن استمرار تبعات الأزمة الاقتصادية العالمية، على حد قوله. وبالمقابل، ثمن رئيس مجلس الأمة ما جاء في رسالة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة بمناسبة الذكرى ال53 لاستقلال الجزائر، التي تضمنت حسبه رسائل واضحة لإعادة تأطير العمل السياسي على الساحة الوطنية، وحديثه عن مشروع تعديل الدستور الذي هو في مراحله النهائية وستنبثق عنه الأطر الجديدة لممارسة السلطة، مضيفا أن مسعى رئيس الجمهورية هو أبعد من أن يكون موقفا اقتضته المرحلة وإنما هو خارطة طريق للعهدة الحالية. وقال أيضا، أننا أمام الوضع الأمني الذي يهدد حدودنا من كل الجهات، وتزايد تراجع أسعار النفط واستمرار الأزمة الاقتصادية الذي يقتضي من الفاعلين السياسيين تأييد ترتيب الأولويات وتوجيه نقاشات الساحة السياسية بما يخدم المصلحة للبلاد، وكذا المساهمة في ترقية نقاش الساحة والابتعاد عن الطروحات المفتقرة للواقعية، وإبقاء مؤسسات الجمهورية بعيدة عن الجدل السياسوي غير المؤسس. مذكرا في هذا الشأن، بجهود الدولة في التغلب على الإرهاب واستعادة الاستقرار، وكذا التخلص من المديونية الخارجية، مع إرساء الميكانيزمات اللازمة للحفاظ على التحويلات الاجتماعية من ميزانية الدولة لصالح الفئات المعوزة والمحرومة، قائلا: «البلد الذي تمكن من توفير السكن لأكبر عدد من مواطنيه، هو الجزائر التي يقودها عبد العزيز بوتفليقة، وهو البلد الذي بإمكانه إيجاد سبيله للمضي قدما للأمام». أمن الجزائر لا يكتمل ما لم يتحقق أمن دول الجوار وبالمقابل، ندد رئيس مجلس الأمة بالعمليات الإرهابية التي تعرضت لها مدينة سوسةبتونس، وتلك التي وقعت في مصر والكويت أو تلك التي تقع في مختلف مناطق العالم، معبرا عن تعاطفه مع المتضررين من هذه الاعتداءات الإرهابية، كما أبدى ارتياحه لتحسن الأوضاع الأمنية لدى الجارة مالي، آملا في أن تقتدي ليبيا بمالي لاسترجاع أمنها وتثبيت وحدتها الترابية، قائلا: «إن أمن الجزائر لا يكتمل ما لم يتحقق أمن دول الجوار وتحقيق الاستقرار لها»، مشيدا بدور الجزائر تحت قيادة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في هذا المجال. وأضاف أن الجزائر تواصل دعمها للقضايا العادلة، لتمكين الشعب الفلسطيني والصحراوي من تقرير مصيرهما، وفقا للشرعية الدولية. وفي الأخير وصف بن صالح حصيلة الدورة الربيعية، بالايجابية بالنظر الى عدد القوانين التي تمت دراستها والمصادقة عليها، والتي تعنى بالجوانب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، بهدف تنظيم هذه النشاطات من خلال إزالة الثغرات القانونية المسجلة ومسايرة التطورات الحاصلة على المستويين المحلي والدولي، مضيفا أن هذه القوانين جاءت لتدعيم حقوق الإنسان التي من خلالها أكدت الجزائر تمسكها بها وحمايتها لها، مشيرا إلى أن اختتام الدورة يتيح الفرصة لتقييم الجهد الذي بذل خلال الفترة واستشراف الأداء التشريعي البرلماني للدورة القادمة.