تعرف احتياجات البلاد من الحديد والصلب ارتفاعا متزايدا بفضل سياسة التنمية التي تحملها برامج ومشاريع تنتشر عبر الوطن، ولذلك وضعت الدولة هذا القطاع في صدارة الأولويات يتقدمها مسار النهوض بمركب الحجار للحديد والصلب. غير أن الوضعية الراهنة لهذا المركب القائم على شراكة جزائرية أجنبية تحوز فيها “ارسيلور ميتال” 49٪ والمجمع الصناعي العمومي “ايميتال” 51٪ أصبحت على درجة من الانشغال وتستدعي الاهتمام في ضوء اجتماع للمساهمين جرى أمس للوقوف على حقيقة الوضعية ومن ثمة تذكير الشريك بمسؤولياته وفقا لاتفاقية الشراكة التي تمنحه جانب المناجمنت. وبهذا الخصوص واستنادا للمؤشرات التي لا تزال في مستوى معدلات أقل مما ينبغي أن ينجز طبقا لبنود اتفاقية الشراكة فان معادلة الطلب في السوق الداخلية على الحديد والصلب تدفع إلى ضرورة اتخاذ ترتيبات تضمن النمو حتى يستعيد المركب وهو رمز الصناعة الوطنية الثقيلة، ذلك أن المركب الذي كان ينتج 1 مليون طن من الصلب في 2002 لا ينتج حاليا سوى 200 ألف طن مما يلقي بالمسؤولية على الطرف الشريك ذلك انه منذ 2002 /2014 لم تسجل استثمارات في تجديد العتاد. ومن اجل تدارك الموقف في وقت توجد فيه المنظومة الاقتصادية على عتبة تحولات إنتاجية مكثفة يكون مجمع ايميتال قد شرع في ضبط ورقة طريق للنهوض بالمركب وينتظر من “أرسيلور ميتال” تجسيد التزامات دقيقة زمنيا حتى تستعيد قلعة الحديد والصلب مكانته في المشهد الصناعي فيكون فعلا جوهرة صناعة الحديد والصلب في إفريقيا والعالم العربي. ومن جانبه، يتوقع أن يتكفل “ايميتال” بقيادة المركب بمرافقة من السلطات العمومية ذلك أن فاتورة استيراد الحديد والصلب تكلف حوالي 3 ملايير دولار لحجم 7 ملايين طن مع الأخذ في الاعتبار الجانب الاجتماعي لفائدة 5 آلاف عامل الذين يقع عليهم أيضا واجب الرفع من الإنتاجية والحرص على إتقان الإنتاج. وينبغي الإشارة إلى أن المرحلة الراهنة المتميزة بإنشاء المجمعات الصناعية العمومية ومنها ايميتال للحديد والصلب تقود حتما إلى إعادة ضبط مسارات الشراكة بحيث تصب في الخيار الاستراتيجي القائم على تنمية الإنتاج لتلبية احتياجات السوق الداخلية في المدى القصير والتصدير إلى وجهات خارجية في المديين المتوسط والطويل وبالطبع فان بلوغ هذا الهدف يتطلب كما يبدو مراجعة من شانها أن تقود في الجوهر إلى أن يتحمل الشركاء مسؤولياتهم وأولها عدم التماطل في رصد التمويلات وتحديث التجهيزات وتأهيل العمال. وقد يكون العلاج في نهاية المطاف في أن تتولى الدولة أمر هذا المركب بمعايير نجاعة المؤسسة الاقتصادية وأولها المردودية التي يمكنها أن تتحسن بفضل جاذبية السوق الداخلية.