يترقب الشركاء انعقاد الثلاثية المقررة في منتصف الشهر الجاري ببسكرة للخروج بورقة طريق واقعية تضمن للاقتصاد الوطني تحسين وتيرة أدائه في كافة القطاعات وتجاوز تداعيات أزمة انهيار أسعار المحروقات التي بدأت نتائجها في الظهور مما يستدعي الإسراع في تجميع الموارد وحشد الطاقات الوطنية لعبور المنعرج بأقل الأضرار على الأقل خاصة وان المناخ بالرغم مما يدور من نقاش حوله يوفر فرصا كثيرة لبلوغ الأهداف الوطنية المسطرة في المديين المتوسط والطويل. ولعل اختيار عاصمة الزيبان لطرح الخيارات الممكنة على طاولة النقاش بين المحاور الفاعلة في الساحة الاقتصادية وصياغة الحلول التي تكون في متناول الفاعلين يحمل دلالات تؤكد أن الهضاب العليا والجنوب على امتداد التراب الوطني هي جوهر العنوان الكبير للمرحلة القادمة، حيث تمثل الجزائر العميقة المنصة المتينة للإقلاع الاقتصادي المتنوع وغير المرتبط عضويا بالمحروقات من خلال احتضانها للاستثمارات الضخمة المنتجة واعتمادها وجهة ذات تنافسية بفضل التحفيزات وإجراءات المرافقة التي تقود إلى إنجاز النمو الذي يمكن تحقيقه بالإمكانيات الحالية شريطة مضاعفة الجهود وتنسيق البرامج وتحسين الإنتاجية واقتصاد الموارد خاصة السيولة المالية بالعملة الصعبة أساسا. وضمن هذا التوجه فإن الرسالة التي يعبر عنها ترحيل الثلاثية إلى بسكرة حيث تفيد المؤشرات المحلية بوجود ديناميكية ترتكز على إمكانيات غير مكلفة في الفلاحة والسياحة والمناجم والبيئة تتمثل في أن المقاول والمستثمر الجزائري وأصحاب المؤسسات وذوي القدرات المالية المعتبرة مدعوون إلى إعادة تصويب بوصلتهم نحو العمق الجغرافي والانتشار فيه من خلال إطلاق مشاريع صغيرة ومتوسطة وربما مشاريع ضخمة عن طريق الشراكة الوطنية لتعويض الفارق الذي يترتب عن تراجع إيرادات المحروقات خاصة وان الجهاز الإداري للجماعات المحلية أصبح أكثر ميلا للاهتمام بالجوانب الاقتصادية وفقا للتوجيهات التي أعطيت للولاة بضرورة انفتاحهم على المحيط الاقتصادي المحلي والقيام بدور أكثر مبادرة لجذب الرأسمال الاستثماري المنتج. بلا شك أن النقاش يزداد حدة في مختلف الأوساط ذات الصلة أياما قبل موعد بسكرة الاقتصادي الاجتماعي الذي يعالج قضايا جوهرية تتعلق بترشيد النفقات في القطاعين العام وحتى الخاص وهيكلة المنظومة الاقتصادية ونجاعة المؤسسة الجزائرية بكافة أنماطها عمومية وخاصة وبالشراكة الأجنبية من أجل ضبط دواليب شق طريق يكون صعبا بلا شك لكنه يقود حتما إلى حماية مكاسب التنمية الوطنية خاصة احتياطي الصرف ووتيرة الاستثمار ويجاد بدائل أكثر فعالية يمكن الرهان عليها لبلوغ نسبة مقبولة من النمو، في وقت يتم فيه تعزيز إجراءات تحسين مناخ الأعمال وترقية أدوات المرافقة حتى تصبح المؤسسة بمثابة قاطرة بناء اقتصاد متنوع ومنتج لا يرتبط مصيره بمؤشرات أسواق المحروقات العالمية التي تتلاعب بها مصالح وصراعات القوى الكبرى المهيمنة.