خطت عدّة بلديات بولاية تيبازة خطوات عملاقة في مجال التسيير الالكتروني لنشاطاتها مما مكّنها من تخطي عقبة تجسيد وثبة الديمقراطية التشاركية على أرض الواقع من خلال التعامل عن بعد مع جميع الفعاليات النشطة محليا وبوتيرة أكثر فعالية. وما يلفت الانتباه، كون بعض البلديات التي أعطت اهتماما متميزا لهذا الموضوع تصنف ضمن البلديات النائية القليلة المداخيل والمتعددة العوائق على غرار بلدية سيدي سميان الجبلية بدائرة شرشال أو حتى بلدية سيدي غيلاس بالدائرة ذاتها وهما بلديتان يجمع بينهما ضعف المداخيل المالية وضعف التأطير الإداري أيضا، الشيء الذي لا ينطبق على بلديتي شرشال وحجرة النص اللتان تتوفران على مداخيل مالية مريحة تتيح لها عملية إدراج تقنيات مكملة في مجال التسيير، بحيث يعتبر سكان بلدية شرشال بوابة الموقع الالكتروني لبلديتهم نموذجا راقيا للتعامل عن بعد ليس فقط مع المصالح البلدية المحلية، ولكن الأمر يتجاوز ذلك بكثير من حيث توفير إمكانية الاطلاع على عدّة واجهات إدارية أخرى قد يكون المواطن بحاجة إليها. وبذلك فقد اعتبرت دائرة شرشال حسب بعض المتتبعين للشأن الالكتروني أول دائرة تحوي 4 بلديات تحوز جميعها على مواقع الكترونية. غير أنّ بلديات دائرة شرشال ليست وحدها التي تحوز حاليا على مواقع الكترونية للتعريف ببرامجها ونشاطاتها، بل سارت حذوها عدة بلديات أخرى اكتشفت في هذا المسار سبيلا أنجع للتعامل الشفاف والمريح مع المواطن بحيث سلكت بلديتي القليعة وحجوط نفس المسلك خلال فترات متفاوتة ولا تزال الجهود قائمة لتطوير المواقع وتهذيبها وفق ما يستجيب لحاجيات المستغلين لها، كما استفادت بلدية أغبال النائية بدائرة قوراية هي الأخرى من موقع الكتروني خاص بها وإن كان لا يزال حاليا في طور الانشاء والتطوير وفق ما يتناسب ومتطلبات التكنولوجيا الحديثة. بلدية انموذجية في التعامل مع مواطنيها تعتبر بلدية القليعة أوّل بلدية بولاية تيبازة تقدم على إنشاء موقع الكتروني خاص بها أدرجت به مختلف المعلومات الادارية التي تهم المواطن، بحيث أستغلّ الموقع منذ إنشائه في بداية سنة 2013، لتوجيه مواطني البلدية في مختلف الجوانب المتعلقة بإعداد الملفات الإدارية إضافة إلى عرض حصيلة النشاطات المنجزة على فترات متتالية، وهو الموقع الذي نشر به البريد الالكتروني لرئيس البلدية الذي أضحى يردّ يوميا على استفسارات المواطنين بلا كلل ولا ملل بالنظر إلى الانتشار السريع لثقافة التواصل عبر الوسائط الالكترونية محليا ورغبة السلطة المحلية في إقناع مواطنيها بالجهد المبذول في لتنمية المحلية وفق ما يتناسب وقدراتها المالية إضافة إلى الرغبة الجامحة والملحة من لدن السلطات في التعامل مع المواطن بكل شفافية قبل أن تتطور الأمور إلى إنشاء صفحة خاصة بالبلدية على مستوى موقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك” وهي الصفحة التي تعرض بها جميع نشاطات الهيئة التنفيذية للبلدية مجمل الأخبار اليومية ذات العلاقة المباشرة بخدمة المواطن، ولا تزال ذات الصفحة إلى حد الآن تجلب المزيد من المحبين والمنخرطين من أبناء البلدية وغيرهم باعتبارها نموذجا يقتدى به ولا مثيل له عبر كامل إقليم الولاية، مع الاشارة إلى تعامل السلطة المحلية بشكل ملفت للانتباه مع مواطنين من البلدية مقيمين بالخارج أو بمناطق بعيدة لأغراض مهنية، وتمّت خدمة هؤلاء في كثير من تساؤلاتهم وحاجياتهم المشروعة حسب ما أشار إليه رئيس البلدية “حمايدي زرقي جيلالي”، والذي يبقي على حسابه الشخصي بموقع الفايسبوك مفتوحا لفترات طويلة لتمكين مواطني البلدية من التعامل معه على المباشر من حيث الكشف عن النقائص الموجودة واقتراح البدائل المحتملة. ولغرض توسيع نطاق الشفافية في التعامل مع المواطن فقد أقدمت السلطات المحلية ببلدية القليعة على تثبيت شاشتين عملاقتين بكل من مصلحة الحالة المدنية وقاعة الانتظار لمقر البلدية تعرض من خلالهما مختلف النشاطات المنجزة من لدن الهيئة التنفيذية بمعية مختلف البرامج التنموية المنجزة في الفترات الأخيرة، وتلك التي يرتقب انجازها في القريب العاجل الشيء الذي استحسنه المواطن الذي أضحى بفعل هذه التقنيات أقرب ما يكون من مسؤوليه المحليين، وتوطّدت بذلك علاقات التواصل بين الطرفين. بلديات أخرى لا يهمها سوى التسيير الالكتروني للوثائق لا تزال عدّة بلديات بولاية تيبازة تفتقد إلى مواقع إلكترونية تعرض بها مجمل برامجها ونشاطاتها بالرغم من توفرها على تأطير تقني متمكن كما هو الشأن بالنسبة لبلدية فوكة التي يفوق عدد سكانها عتبة 60 ألف نسمة وكذا بلدية بوسماعيل المجاورة والأكثر كثافة سكانية من بلدية فوكة بمعية عدة بلديات أخرى من مختلف جهات الولاية كالحطاطبة والشعيبة والدواودة ومناصر وسيدي عمر وغيرها، وهي البلديات التي لا تزال تعتمد الطريقة التقليدية في تسيير شؤونها بالرغم من توفرها على طاقات بشرية مؤهلة لتسيير مواقع الكترونية، وهي الطاقات التي لا تزال تنتظر إشارات من السلطات المعنية لإدراك اهمية التواصل الالكتروني مع الساكنة، وقد لمسنا ذلك من تصريحات عدّة إطارات عاملة بذات البلديات رفضت الكشف عن هوياتها علنا لأسباب مهنية. ويكشف هذا الواقع بأنّ ذات البلديات أضحت تركّز جلّ طاقاتها في مجال الاعلام الآلي حاليا على تجسيد مشاريع رقمنة الوثائق الادارية دون سواها وهي المشاريع التي أطلقتها الوزارة الوصية لفائدة المواطن على فترات متتالية، ومن ثمّ فلا يزال مواطنو تلك البلديات يعتقدون بأنّ الجهد المبذول هو ثمرة نشاط إطارات الوزارة دون مساهمة الاطارات المحلية التي تبقى مطالبة باستغلال التكنولوجيات الحديثة للكشف عن نشاطات وبرامج السلطات المحلية.