استفحلت ظاهرة الانتشار العشوائي للنفايات العمومية بمختلف أحياء وشوارع مختلف بلديات ولاية تيبازة في الفترة الأخيرة، وأضحت تشكّل عشية موسم الحر والصيف هاجسا مرعبا ينذر بحصول كوارث صحية ببعض الأحياء، وديكورا أسودا قاتم اللون في حالات أخرى لاسيما على مستوى 11 بلدية بالتحديد لم تنخرط بعد في البرنامج الولائي لتسيير النفايات العمومية المقترح من طرف مصالح البيئة على مستوى الولاية. وحسب مدير المؤسسة الولائية لتسيير مراكز الردم التقني للنفايات «مصطفى رفعي»، فإنّ 4 مراكز للردم التقني أضحت جاهزة وعملية حاليا بمختلف جهات الولاية، ويتعلق الأمر بكل من مركز سيدي راشد الذي افتتح في نوفمبر 2009 و يستقبل ما معدله 120 طن يوميا من النفايات، ومركز قوراية الذي شرع في استغلاله في فيفري 2010 ويستقبل 15 طن يوميا، إضافة إلى المفرغة المراقبة بكودية الحنفي بشرشال والتي تستقبل 70 طن يوميا بداية من فيفري 2011، ومركز القندوري بالحطاطبة الذي يستقبل 20 طن يوميا منذ أفريل الفارط. غير أنّ الإشكال الذي لا يزال يثقل كاهل القائمين على برنامج تسيير النفايات، يكمن في تأخر 11 بلدية من بين 28 بلدية تضمها الولاية عن الانخراط في البرنامج، متذرعة بقلة إمكاناتها المادية والبشرية وبُعد مراكز الردم عنها ناهيك عن ضعف مداخيلها المالية مما يصعب من عملية دفع حقوق استغلال مركز الردم. وإذا كانت بلديات الجهتين الغربية والوسطى المعنية بهذه القضية (الداموس، بني ميلك، الناظور، مناصر، حجوط، مراد)، لا تنتج أحياؤها كميات هائلة من النفايات بالشكل الذي يدعو لدق ناقوس الخطر، فإنّ بلديات الجهة الشرقية (فوكة، القليعة، الدواودة) تبقى في الوقت الراهن، مثلا عن الانتشار العشوائي للنفايات بمختلف الأحياء المشكلة لها ناهيك عن بقائها بؤرا خامدة للأوبئة والكوارث الصحية التي يزداد نشاطها خلال موسم الصيف، مع العلم أنها تلقي بنفاياتها حاليا بمفرغة الدواودة العمومية على سابق عهدها فيما تمّ تجهيز مركز الردم التقني للحطاطبة خلال أفريل الفارط خصيصا لذات البلديات بمعية بلديات أخرى مجاورة. وأشار القائمون عليها إلى أنّ الإمكانات المادية التي تحوز عليها ذات البلديات حاليا لا تسمح لها بنقل مختلف النفايات إلى مركز الحطاطبة البعيد عنها نسبيا، ولا تزال المفرغة العمومية للدواودة تستقبل يوميا أطنانا مضاعفة من النفايات ليتم حرقها بالهواء الطلق في ظل احتجاج متواصل لسكان الحي الجديد بالدواودة القريب منها، وسبق لهم تأكيد إصابة العديد منهم ولاسيما الصغار بمشاكل تنفسية وأمراض صدرية خطيرة، ويبقى بذلك الإشكال قائما إلى إشعار آخر. بلدية فوكة نموذج حي لفوضى النفايات الأحياء تعجّ بالقاذورات ووعود البلدية لم تتحقق بعد تشهد مختلف أحياء بلدية فوكة حاليا انتشارا فظيعا للنفايات المنزلية والنفايات الهامدة أيضا بالشكل الذي يترجم انعدام سياسة محلية واضحة لتسيير ذات النفايات، وبعد مرور أكثر من 6 أشهر كاملة على تنصيب المجلس البلدي بتركيبته الجديدة لم يلمس سكان البلدية أية مبادرة لتنظيف المحيط وحماية البيئة، وتمحورت تبريرات مسؤوليها حول اقتناء شاحنات جديدة لاستغلالها في تصريف النفايات، باعتبار القديمة منها والتي ورثها المجلس الحالي من سابقه لم تعد تسدّ حاجة البلدية بالنظر إلى تعطل العديد منها وقدم البعض الآخر. غير أن هذه الأجوبة التي سئم منها مواطنو البلدية، أضحت تشكّل على مرّ الأيام نماذج للنكت أحيانا، ورمزا للوعود الكاذبة أحيانا أخرى، لاسيما وأنّ الواقع يشهد تناميا مثيرا للنفايات على حساب عزم المجلس البلدي على تنظيف المحيط وتبقى أحياء حوض الرمان والبريد و500 مسكن وعلي عماري وغيرها شاهدة حيّة على هذه الحقيقة القائمة. عمال النظافة يجهدون أنفسهم ليلا ونهارا بدون واقيات يدوية لوحظ العديد من عمال النظافة الذين يسهرون بالليل كما بالنهار على تصريف النفايات يعملون وسط أكوام القاذورات بدون واقيات يدوية تحميهم من أخطار المواد الحادة المحتمل تواجدها بالنفايات وكذا من الأمراض الوبائية أو المعدية التي يحتمل بروزها بين الحين والآخر وكثيرا ما اشتكى هؤلاء من ذات الوضعية الخطرة المرتبطة أساسا بضعف الإمكانات المادية التي تعتمدها البلدية لتنظيف المحيط، غير أنّ كلّ شكاويهم ونداءاتهم المتعلقة بتوفير وسائل العمل باءت بالفشل، الأمر الذي أجبر هؤلاء على التكيف مع المستجدات من خلال انتقاء النفايات التي يتم تصريفها وحرق البعض منها داخل الأحياء باعتبارها تشكّل عبئا ثقيلا على مأموريتهم الصعبة، ليبقى ذلك مع الأسف وجها مميزا من أوجه التراخي وعدم الجدية في معالجة ملف النفايات العمومية. السلوك السلبي للمواطن يزيد الطين بلّة كثيرا ما يلوم سكان بلديات تيبازة السلطات المحلية على تقاعسها وتراخيها فيما يتعلق بتصريف النفايات المنزلية، من حيث عدم انتظام عملية مرور الشاحنة أو الجرار المكلف بعملية التصريف، إضافة إلى تراكم النفايات بفعل عدم تصريفها بجدية وبصفة كلية من طرف العمال، غير أنّ مسؤولي ذات البلديات يؤكدون من جهتهم على انعدام الثقافة البيئية لدى المواطن، الذي اعتاد على إخراج النفايات عقب مرور شاحنة البلدية، كما أنهم يتركونها بطرق عشوائية دون تجميعها بالأماكن المخصصة لها، بحيث لوحظ العديد من السكان يتخلون عن نفاياتهم بطرق عشوائية في الزمان والمكان وبشكل لا يليق ولا يحتمل، الأمر الذي يشير صراحة إلى كون المسؤولية تبقى مشتركة ما بين المواطن والسلطة المحلية. 3 مراكز ردم جديدة في الأفق من المرتقب أن تنطلق أشغال انجاز مركزين للردم بكل من سيدي عمر و حجوط بالناحية الوسطى للولاية، على أن يلي ذلك انجاز مركز آخر بدائرة الداموس بأقصى غرب الولاية لتكتمل بذلك حلقة الانتشار الأفقي لمراكز الردم والقضاء النهائي على المفرغات العمومية التي تعتمد على الحرق العشوائي للنفايات فيما يتم ردمها بطريقة علمية ودقيقة بمراكز الردم، كما يرتقب توسيع مركز كودية الحنفي بشرشال لتمكينه من استيعاب مجمل النفايات التي يتم تصريفها. للإشارة، فان مؤسسة تسيير مراكز الردم التقني التي أنشئت بموجب قرار وزاري مشترك ما بين وزارات الداخلية والمالية والبيئة سنة 2008 تعتمد في تسييرها لذات المراكز على عملية الرسكلة التي تتيح لها تسويق كميات معتبرة من النفايات الصالحة للاستعمال. الرسكلة.. الوجه الاقتصادي المميز لعملية الردم تمكن أعوان المؤسسة الولائية لتسيير مراكز الردم من فرز وتوظيب 12 طنا من بقايا النفايات بما يعادل نسبة 3٪ من مجموع النفايات المحصلة بمراكز الردم. ولا تزال العملية جارية حاليا على قدم وساق، بحيث تمر هذه العملية عبر 4 مراحل متتالية تعنى الأولى بفصل النفايات عن بعضها البعض والثانية بتوظيبها عن طريق آلات متخصصة، أما الثالثة فهي تعنى بالتخزين في شروط بيئية مدروسة قبل المرور إلى مرحلة التسويق للمؤسسات المهتمة بما يترجم اعتماد مراكز الردم في منهجية عملها على التسيير الاقتصادي والتقني للنفايات بالشكل الذي يمكن المعنيين من تصريف القاذورات غير المجدية بدون تأثيرات سلبية مع توفير قدر من الأموال من خلال رسكلة وإعادة تسويق البعض منها. النفايات الاستشفائية،، نحو اقتناء مردمين للتكفل بها لا تزال النفايات الاستشفائية التي يتم التخلص منها بمختلف المستشفيات والعيادات العمومية منها والخاصة تشكل خطرا محدقا بسكان الولاية وعمال النظافة على وجه الخصوص بحيث كثيرا ما يتعرض هؤلاء لجروح مثيرة للشكوك بفعل النفايات الطبية ناهيك عن لمس عدة مواد أخرى تعتبر في خانة المواد الخطرة عقب الاستغناء عنها بمختلف العيادات. وإذا كانت مستشفيات الولاية الأربعة تحوي على محارق محلية لذات المواد، فإنّ الأمر ليس كذلك بالنسبة للعيادات الأخرى وخاصة الخاصة منها، بحيث انّه عادة ما يتم تصريف النفايات بمعية النفايات المنزلية الأمر الذي يشكل خطرا محدقا بصحة عمال النظافة والسكان عموما عقب حرق ذات النفايات بالمفرغات العمومية، الأمر الذي أرغم السلطات الولائية على أخذ هذه القضية على محمل الجد من خلال رصد غلاف مالي يتيح اقتناء مرمدين خصيصا لترميد ذات المواد بحيث يرتقب نصب أحدهما بمركز الردم لسيدي راشد فيما يحول الثاني لمركز الردم بقوراية للتكفل بنفايات الجهة الغربية للولاية وحسب مصادرنا من الجهة الولائية المختصة، فإنّ المناقصة المتعلقة باقتناء المرمدين تم الإعلان عنها في وقت سابق عبر الصحافة الوطنية غير أنها لم تكن مجدية بحيث تم تجديدها مؤخرا لتتم عملية الاقتناء قريبا لتكتمل بذلك حلقة البرنامج الولائي المتعلق بالتكفل بمختلف أنواع النفايات وذلك عقب الانتهاء من انجاز مركز بوركيكة المتخصص في النفايات الهامدة التي يتم الاستغناء عنها حاليا بطرق فوضوية بمختلف المساحات بعيدا عن أنظار الرقابة.