أكد رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة أمس بعمان (الاردن) أنه باختيار موضوع ''القدس في الضمير'' يكون منتدى الفكر العربي قد وضع قضية القدس الشريف في مدار الضمير الإنساني بكل أبعادها التاريخية والدينية. ففي رسالة وجهها الى المشاركين في الندوة الفكرية لمنتدى الفكر العربي، قرأها نيابة عنه المستشار برئاسة الجمهورية الدكتور علي بوغازي، أشاد رئيس الجمهورية باختيار موضوع القدس للمنتدى، معتبرا ذلك اختيار وجيه وتدبر محمود. وقال ''إنه لخير ما تدبرتم، وشرف ما رمتم باختياركم الوجيه موضوع القدس في الضمير (...)'' معتبرا القدس ''الموطن الأقدس لفضائل الإنسان و الروضة العطرة لماهية المخلوق العاقل يمج الباطل ويعاف الرذائل''. وبعد أن أضاف أن الضمير ''هو القلعة الأخيرة التي تنكسر على مداخلها جحافل الباطل'' قال رئيس الجمهورية أن القدس ''مازها الله و شرفها بأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وتخيرها معراجا لسيد الخليقة لربط صلة الرحم بين الأرض و السماء''. وأشار رئيس الجمهورية إن القدس هي ''قدس كل الديانات السماوية ومسرى الأنبياء، ومنزل الخلفاء، قدس السلام والمحبة والعيش الآمن للجميع'' وباختيار المنتدى هذا الموضوع يكون ''قد وضع قضية القدس الشريف في مدار الضمير الإنساني بكل أبعادها التاريخية والدينية وبثقلها المستغرق للهوية العربية وصمودها في وجه الغزوات المتكررة ضدها منذ العهد الصليبي الى جريمة التهويد التي تستهدفها كعمران وكثقافة وكرمز''. وأوضح الرئيس بوتفليقة في رسالته أن الاهتمام بالقدس من قبل منتدى الفكر العربي ''يترجم هموم الأمة العربية وتطلعها الى حمايتها من مخططات التحريف والتشويه المبنية على الزيف التوراتي وادعاءات الصهيونية بالحق المزعوم في أراض الميعاد من خلال افتعال الأساطير وابتداع الأكاذيب تبريرا للهمجية المسلطة على شعب فلسطين واغتيال معالم تاريخه السمحة وابتزاز حقوقه المشروعة في الأرض''. وتطرق بهذه المناسبة الى ما عانته القدس والشعب الفلسطيني عبر العصور من ''عمليات الهدم المبرمج لمعالم المدينة وشطب بيوت سكانها العرب وإقامة المستوطنات رغم أنف قرارات الأممالمتحدة وسرقة أراضيهم وإرهابهم اليومي والتضييق عليهم وحرمانهم الذي غدا من يوميات الإنسان الفلسطيني وإقامة حائط العار العازل وتبديد حقول الزياتين (....)''. وذكر الرئيس بوتفليقة في هذا الصدد ب ''الحملات العسكرية الكبرى لتدمير قطاعات واسعة من أرض فلسطين وإبادة سكانها خاصة من الأطفال والنساء والمدنيين العزل، كما جرى في غزة قبل شهور قليلة''. وأشار بعد ذلك إلى أن ''كل هذه الفصول المتعاقبة في مظلمة العصر على فلسطين وشعبها وقدسها الشريف، تدعونا كشعوب عربية وكنخب ومؤسسات وحكام الى توحيد الجهود وجمع الشمل واستحداث الطرق الناجعة والأساليب الفعالة للدفاع عن قضية العرب المركزية فلسطين، في زمن عز فيه العدل واستباحت القوة الظالمة حرمات الحق المشروع وتساوى الجلاد بالضحية''. وأشاد بهذه المناسبة ب ''نخوة'' العرب ودورهم المشهود له لعقود من الزمن في رأب الصدع العربي و المنافحة في سبيل قضاياه و تحسيس الضمير العربي''. وقال أن ذلك يحمله على التيقن بأن دورهم الى جانب ''كل الجهود الخيرة سيرفع من سقف الموقف القومي بخلق وعي عربي و دولي توافقي يؤسس لتوازن الرؤى حول القضايا العربية وفي مقدمتها قضية فلسطين''. وواصل رئيس الجمهورية قائلا أن ربط القدس بالضمير في المطلق ''يجعلها قضية كل الإنسانية دونما اعتبارات سياسية وعقدية وعرقية، فالصحوة المرجوة في الضمير الانساني عليها ان تنبعث من الوعي العربي أولا بوجوب توخي أيسر السبل وأقومها لتنوير الرأي العام العالمي وشحذ همم الشعوب المحبة للسلام المنتصرة للعدل بالتصدي لكل ما من شأنه استهداف القدس''. وعبر عن إيمانه بنجاح هذا المسعى بفضل الربط بين الندوة و الإجتماع السنوي الحادي و العشرين لهيئة المنتدى الذي - كما قال - ''يجمع خيرة رجالات الأمة العربية علما وخبرة وشعورا بالمسؤولية التاريخية الملقاة على كواهلهم و في عاصمة العرب عمان الفيحاء''.