يبدو أن الإرهاب دخل مرحلة تصعيدية في تونس، مع نقل الدمويين عملياتهم الإجرامية من الجبال إلى قلب العاصمة حيث تتمركز المؤسسات والمقرات الرسمية، ومع تبنّيهم أسلوب التفجيرات التي تحصد عددا كبيرا من القتلى وتحدث هلعا واسعا في أوساط الشعب مثلما حصل، أمس، بشارع محمد الخامس بقلب العاصمة تونس في حدود الساعة الخامسة وعشرين دقيقة، عندما انفجرت حافلة صغيرة كانت تقل أعوان الأمن الرئاسي بالقرب من المقر السابق لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي وعلى بعد أمتار من وزارتي السياحة والداخلية. الحادث خلف عددا كبيرا من القتلى والجرحى. وفي الحصيلة الأولية التي أعلنها الناطق باسم وزارة الداخلية وليد اللوقيني، فإن التفجير حصد أرواح 11 شخصا وخلف العديد من المصابين، وقد جاء رغم الإجراءات الأمنية المشددة التي تفرضها تونس بمناسبة انعقاد مهرجان قرطاج السينمائي. الإرهاب الذي بدأ في تونس بالاغتيالات، كما حصل مع نشطاء سياسيين وأمنيين، انتقل إلى مرحلة أكثر إيلاما من خلال حادثة باردو في 18 مارس 2015 والتي خلفت 23 قتيلا بينهم 20 سائحا، ثم حادثة إطلاق النار برشاش كلاشنيكوف التي قام بها طالب تونسي في جوان الماضي وخلفت 37 قتيلا بينهم سياح أجانب في فندق بولاية سوسة على الساحل الشرقي التونسي، في اعتداء هو الأكثر دموية في التاريخ الحديث لتونس التي تشهد اليوم دخول الإرهاب مرحلة عملية جديدة يميّزها دخول الانتحاريين والتفجيرات على الخط، ما يشكل تحديا كبيرا، خاصة إذا ربطنا حادث أمس مع العمليات الإرهابية المتسلسلة التي هزت في الأيام الأخيرة عدة دول، على غرار برج البراجنة بلبنان وباريس بفرنسا وباماكو بمالي، دون نسيان التفجير الإرهابي الذي استهدف الطائرة الروسية فوق سماء شبه جزيرة سيناء المصرية... وسواء وقع الحادث من خلال تفجير قنبلة عن قرب أو بعد، أو من خلال حزام ناسف، فالمهم أن الانفجار أعاد طرح مسألة التحدي الأمني والخطر الإرهابي الذي يحاول نسف الانتقال الديمقراطي السلمي في تونس. كما يعيد طرح مسألة محاربة الإرهاب الذي نراه على العكس تماما يوسّع من رقعته الجغرافية ومن استراتيجيته الدموية. يبقى في الأخير التشديد على ضرورة التنسيق والتعاون الأقليمي وحتى الدولي لمواجهة هذا الخطر الداهم، الذي لم يعد أحد بمنأى عن خطره، كما يجب التأكيد أن الشعب التونسي الذي نجح في انتقاله الديمقراطي سينجح حتما في إجهاض مخططات الدمويين المقيتة.